مقالات

هنيئا لك بها ياهنية

بقلم : عادل عسوم

هنيئا لك بها ياهنية

لانزكيك على الله فهو الحسيب، انما الشهادة بكونك بذلت الوسع، والعمر، والعافية، والأبناء، والأحفاد في سبيل القضية…

عهدناك تقول في خطاباتك بأن الشهادة بغية الصادقين من أهل الإيمان بالله الواحد الأحد،

وقلت بأنها يكفيها شرفا أن نبينا صلى الله عليه وسلم تمناها قبل أن يموت شهيدا في سبيل الله، روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَلَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَل).

لقد كنت تستلهم في ثنايا خطاباتك سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ستبقى موثقة تستهدي بها الأجيال على اضطراد الأيام والسنوات، فما كان حديثك كحديثنا، لقد كان أطلاقا لمباني ومعاني سيرة أشرف خلق الله، وستظل خطاباتك ديباجة للعز والفخار لأمة نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا…

لقد حدثتنا عن السيوف الأربعين التي يقف من خلفها إبليس اللعين، وهي قصة ما كان لنا أن نقرأها كسواها من القصص والحكايات فنمر عليها مرور الكرام، فإن القوم هم القوم كأنهم قريش والحق هو الحق مرماه لن يطيش…

ولإن كان الخارج من بين انصال تلك السيوف هو المعصوم والمتبوع صلى الله عليه وسلم؛ فإن من يحملونها باقون ومعهم إبليس الذي قال بأنه بالمرصاد لكل رموز الحق والوضاءة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها،

ولإن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين السيوف الأربعين ليواصل الصدع بمنهج الله؛ فإن الكيد باق وستظل السيوف مشهرة يظن أهلها بأنهم قادرون على اسكات الحق ووأد الحق، وقد نالت السيوف من قبلك من أطهار، الشيخ أحمد ياسين، والدكتور الرنتيسي، ونالت من قيادات أخرى كثر؛ لكنهم ما أسكتوا صوت القضية،

فهاهم جند الله في فلسطين يزدادون قوة وقدرة على مجابهة هذا الصلف والبغي والظلم كل عام، ولعمري ان قام هؤلاء القادة من مراقدهم لفرحوا وباركوا الكثير الذي تم انجازه الآن…

طبت حيا وميتا ياهنية، لقد نالت منك السيوف الأربعون في الثانية صباحا، وماعلم هؤلاء الجهلة الأوغاد بأنك واصلت نومتك الصغرى لتلحق بذاك الصالح الآتي من أقصى المدينة الذي ما أن نالت منه السيوف الأربعون:

{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)}.

لقد قال(يا ليت قومي يعلمون) في دار غير الدار وحال غير الحال!!!

قالها وهو يدلف إلى الجنة!

خرجت منه تلك العبارة بعد أن قتله أصحاب السيوف الأربعين فنال الشهادة، وقد كان رحمكما الله بذات شجاعتك لم يكن يخش في الله لومة لائم.

ومافتئ قول ربنا يترى فينا بأن:

{مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} 23 الأحزاب.

فإن كان الله يربي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في بدايات خطواتها لقيادة البشرية؛ فإنها باقية لتتعلم الأمة أسباب النصر والهزيمة، ولتزيد من طاعة لله، وليزداد في الناس التوكل عليه، فيكشف الله عن جوانب من حكمته فيما وقع من أحداث عديدة في ثنايا السيرة المشرفة، ويختم كل ذلك بآية عظيمة يقول فيها جل في علاه:

{…ويتخذ منكم شهداء…}آل عمران 140.

ياااااه

لعمري إنه تعبير عجيب عن معنى عميق بكون الشهداء لمختارون!!! إنهم أناس يختارهم الله من بين المجاهدين ويتخذهم لنفسه سبحانه، فما هي خسارة أن يستشهد في سبيل الله من يستشهد، إنما هو اختيار وانتقاء وتكريم واختصاص، وقد علم تعالى بأنهم آمنوا به حقا وتجردوا له وأعزوه حتى أرخصوا كل شيء دونه، أرخصوا وقتهم، وأرخصوا صحتهم، بل وأولادهم وأحفادهم فماشغلوهم عن القضية، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم بأن من يموت دون ذلك فهو شهيد.

سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً؛ أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ) متفق عليه.

أهنأ في مرقدك ياهنية، فإن القضية التي اصطفاك الله دونها لن تسقط رايتها بحول الله، ولإن ارتقيت إلى الله دون أن تعرف نتائج الصراع مع هؤلاء الصهاينة فإنك يعزيزنا قد غرست الفسائل، وانت أدرى بأن انتصار الحق قد يقتضى استشهاد البعض ليصبحون جسرا تعبر عليه القضايا الوضيئة إلى مشارف النصر والتمكين بإذن الله، وقد سبقك إلى ذلك من أحببتهم وعملت معهم من المجاهدين،

وقد وعد ربنا جل في علاه بأن:

{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ} الزخرف42

اللهم ياقادر نصرك العاجل لأهل غزة وفلسطين، اللهم ياقهار أكتب الهزيمة والذل والعار على الصهاينة الغاصبين ومن عاونهم وساندهم، واجعل تدميرهم في تدبيرهم.

اللهم اجعل جندا من عندك يحاربون مع أهل فلسطين، انك ياربنا ولي ذلك والقادر عليه.

adilassoom@gmail.com

يقين برس

صحيفة اللكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى