مقالات

المصالح بين الصالح والطالح

زاوية شوف أخرى : ناجي فرح يوسف

 

المصالح بين الصالح والطالح

في خطاب حاشد إبّان توليه وزارة الخارجية السعودية متحدثا عن علاقات الدول ببعضها، قال الامير سعود الفيصل لا توجد صداقات و اخوانيات بين الدول انما هي مصالح مشتركة، و المعنى ان المصلحة و درجتها هي التي تتحكم في علاقة الدول قوة أوضعفا سلبا كانت ام ايجابا. وهذا هو ديدن العلاقات بين دول العالم.

كل الدول التي تتحرك في مسارح السياسة لا تتحرك الا وفقا لتحقيق مصالحها فقط، ولا يهم درجة ما يحدث حولها من حروب و اقتتال واغتصابات وابادت جماعية، فهي لا تقترب أو تبتعد الا وفقا لمصلحتها، كما قال احد الرؤساء الأمريكان السابقين، الدولة مؤسسة تعمل لما يحقق مصلحتها وليست إنسانا يتعامل بانسانيته.

و الذين يتبنون المواقف التي تخدم مصالحهم و إن تقاطعت مع مصالح الجميع. هم المجتمع الذي حولنا من دول الجوار الجغرافي أو السياسي، و هكذا هي علاقتنا به

و في الصعيد الداخلي ، و على كافة المستويات الشعبية والحكومية، تتباين المصالح و بالتالي تتباين رؤيتناا للآخر من خلال زوايا الشوف المتباينة لهذه المصالح المتباينة.

و ترتيب المصالح عندنا من الاقل الى الأكثر حسب تعداد المصلحجية على النحو التالي، مصالح وطنية، مصالح حزبية، مصالح اثنية، مصالح جهوية وقبلية و مصالح شخصية، و هذه هي الفئة الأكثر عددا و هي تتواجد في كل الكيانات والتصنيفات التي ذكرناها.

اذن كل ما يثار أو يقال عن الراهن السياسي يخرج من هذه التقسيمات لذلك تجد أن اكثر الحديث يخرج من ذوي المصالح الشخصية الذين ينتشرون في كل الفئات آنفة الذكر، و هؤلاء ينقسمون بين المصالح الحميدة وهم قلة و اصحاب المصالح الخبيثة وهم الاغلبية، و في هذا الاطار يوزعون امانيهم بين الناس بغية تحقيق السند لتحقيقها.

و الاحزاب التي ترفع رايات الوطن ويتبعها أناس كثر، منهم من دخل لتحقيق مصلحة شخصية ما، أو مؤازة تملق لفلان أو علان، بغض النظر عن الصلاح و الطلاح، و منهم من يعمل لمصلحة الحزب وبقائه، و إن كانت خصما على الوطن، ومنهم من آمن بشعارات الحزب بالرغم من خروجها عن الخدمة، و هو يمني نفسه بتحقيقها لتحقيق مصالح الوطن، و هنا تمد العمالة راسها بمسميات شريفة تجعل الحزب يدور في فلك تحقيق مصالح خارجية تتقاطع بالتأكيد مع الخط الوطني.

وباسم رفض الرجعية وكل من تمت شيطنته تظهر كيانات جديدة أو تجدد بعض الكيانات جلودها بشعارات جاذبة يتم تحقيقها بعكسها تماما، تعتقل وهي تدعو الحرية، وتقتل وفي يدها شعار السلام، وتظلم ولم تجف كلمة العدالة في لسانها.

والبسطاء كالذين ينتظرون المواصلات في المواقف العامة، كل يريد الوصول الى و جهته ليقضي حاجته، ياخذون اطراف الحديث على عجالة فلا يدققون في المحتوى ان كانت له علاقة بالعنوان ام لا، و هو جناح أم جكو. ساي.

هناك ثوابت ومتغيرات تجعل اجواء الحالة السياسية تتبدل بين حين وآخر، لكن في ظل هذه المتغيرات هناك دهاليز ليست في متناول الجميع لذلك تكون الآراء حولها وفقا للمتاح، غير ان المتاح لا يقود الى المتاح فعليا، لذلك تحس بالتتاقض وتضارب الآراء وعدم المصداقية.

و بعد كل البراهين والنتائج مازالت تلك الاحلام موجودة في داخل بعض الناس، نفس الاشعارات بنفس طرق تحقيقها التي لن تفضي اليها ابدا، لذلك ستظل كالذي يتداول عملة قديمة. لأن نفس الاسباب موجودة وهي المصالح التي ذكرناها في بداية حديثنا هذا، لذلك ما نحتاجه فعلا هو دورات و دروس مكثفة في الوطنية، في ما هو الوطن وما هي حقوقه و واجباته وعلى من يقع عبئها، و ما هي المواطنة ومن هو المواطن؟ ولا بد من ان يعلم الجميع حقوقهم و واجباتهم في ظل وطن قارة كالسودان.

ولا نريد ان نقول اننا مسلوبي الارادة، لكن لابد ان نعلم اننا لسنا وحدنا في هذا العالم وانه هناك قاسما مشتركا من المصالح الدولية بين كل الدول يجب ان نكون عندها وفقا لما يخدم مصلحة الوطن الذي نلتف كلنا حوله، فإن تخطيناه سنرمى بما ليس فينا ونحارب، وإن نزلنا عنها سنمتهن و نضيع وسط الزحام والمآسي.

د. نوال خضر

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى