الغابات في مؤتمرات البيئة والمناخ: من ستوكهولم 1972 إلى بيليم 2025
بقلم : د. عبد العظيم ميرغني

الغابات في مؤتمرات البيئة والمناخ: من ستوكهولم 1972 إلى بيليم 2025
• شكلت رؤية الأرض من على متن مركبة أبولو 13 في أواخر الستينيات، كرة صغيرة معلّقة في الفضاء، لحظة فارقة في وعي البشرية.
• فقد أظهرت تلك الصورة مدى ترابط الحياة على هذا الكوكب وضآلة الحدود التي تفصل بين الإنسان وبيئته.
• ومن هذه الرؤية تحديدًا انطلقت مرحلة جديدة من وعي الإنسان، قوامها أن التدهور البيئي لم يعد شأنًا محليًا، بل قضية عالمية تهدد الكوكب والحياة على ظهره ومستقبل البشرية.
• فانطلقت من ثمّ المؤتمرات البيئية الدولية، بدءاً بمؤتمر ستوكهولم 1972 الذي أسس برنامج الأمم المتحدة للبيئة لرصد المشكلات البيئية، ومنها إزالة الغابات وتآكل التربة.
• وفي الثمانينيات، أدى تزايد إزالة الغابات وارتفاع الوعي البيئي إلى إدراج قضية الغابات ضمن جدول الأعمال العالمي.
• ثم جاء اجتماع مجموعة السبع في هيوستن (G7 1990)، ليعبّر عن القلق المتزايد من تفاقم المخاطر البيئية بسبب إزالة الغابات، والدعوة لاتفاقية دولية لحماية الغابات والتنوع البيولوجي.
• بلغ هذا المسار ذروته في مؤتمر البيئة والتنمية 1992، الذي أقر الاتفاقيات البيئية الثلاث: اتفاقية تغير المناخ، واتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية مكافحة التصحر، كإطار لإدارة الغابات المستدامة.
• ورغم النقاش الواسع حول اتفاقية ملزمة لحماية الغابات، حال الخلاف بين الدول المتقدمة والنامية دون ذلك.
• فتم اعتماد اتفاقية غير ملزمة ومبادئ الغابات، إلى جانب وثيقة الفصل الحادي عشر من أجندة القرن 21 لمكافحة إزالة الغابات وتشجيع التشجير.
• منذ مؤتمر الأطراف الأول في برلين 1995، بدأت الغابات تدريجيًا تحتل موقعًا مركزيًا في مفاوضات المناخ بوصفها “مستودعات طبيعية للكربون”، رغم غياب آليات واضحة لحمايتها.
• لكن التحول الكبير جاء مع بروتوكول كيوتو 1997، الذي سمح بحساب امتصاص الغابات للكربون ضمن التزامات خفض الانبعاثات، فاتحًا الباب رسميًا لدمج الغابات كأداة من أدوات خفض الانبعاثات.
• بين 2001 و2005 تطورت آليات التشجير وإعادة التشجير، وبرزت مشاريع الانبعاثات النظيفة لدعم الدول النامية في تنفيذ مشروعات غابية مستدامة.
• وفي مؤتمر بالي 2007 وُلد برنامج REDD الذي جعل إيقاف إزالة الغابات هدفًا عالميًا. ثم تطور البرنامج في كوبنهاغن 2009 ليصبح REDD+، شاملاً حماية الغابات والإدارة المستدامة وزيادة المخزون الكربوني.
• وفي كانكون 2010، تم تثبيت الإطار الكامل لـ REDD+ بمنظومة القياس والإبلاغ والتحقق.
• وجاء اتفاق باريس 2015 ليكرّس الغابات كركن أساسي في مواجهة التغير المناخي، مؤكدًا أنها “أحواض كربونية حيوية” لا يمكن تحقيق أهداف 1.5 و2 درجة بدونها.
• وفي غلاسكو 2021، التزمت أكثر من 140 دولة، تمثل 90% من غابات العالم، بوقف إزالة الغابات بحلول 2030، مع دعم الحماية المجتمعية وإشراك السكان الأصليين.
• ثم توسع النقاش في شرم الشيخ 2022 ودبي 2023 ليشمل الحلول القائمة على الطبيعة وإدارة الأراضي ككل.
• وببيليم، بوابة الأمازون وأحد أهم مستودعات الكربون على الأرض، حيث عقد COP30 ، عاد ملف الغابات إلى صدارة الاهتمام الدولي بوصفه ركيزة وليست مجرد ملف بيئي.
• وفي إطار التحرك العملي، تم رسميًا في هذا المؤتمر إطلاق صندوق الغابات المدارية خلال قمة القادة، حيث وقّعت 53 دولة على إعلان الإطلاق، وحددت النرويج التزامًا أوليًا بلغ 3 مليارات دولار خلال عشر سنوات.
• كما أطلقت 34 حكومة خارطة طريق لتمويل الغابات بدعم من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، لسد فجوة مالية تُقدّر بـ 66.8 مليار دولار سنويًا لضمان الإدارة المستدامة للغابات المدارية.
• وتهدف هذه المبادرات إلى تحويل التمويل من مساعدات قصيرة الأمد إلى استثمارات طويلة المدى، مع استهداف جمع 25 مليار دولار من الحكومات، و100 مليار دولار من القطاع الخاص.
• ورغم التقدم، لا يزال التمويل العالمي للغابات، والذي بلغ 84 مليار دولار في 2023، بعيدًا عن مستوى 300 مليار دولار المطلوب لحماية الغابات بحلول 2030.
• وهكذا، من ستوكهولم إلى بيليم، أصبحت الغابات أولوية مناخية حيوية، مع برامج REDD+ وصندوق الغابات المدارية، لتأمين استدامة الكوكب ومستقبل البشرية.
• وفي الختام، لا يحلو حديث البيئة والمناخ بالطبع إلا بالحديث عن بيئة وغابات السودان. فمنذ 2005 تلقى السودان دعمًا ضمن برامج REDD+ بلغ نحو 10–11 مليون دولار، ما أسهم في إعداد استراتيجيات وطنية، وإشراك المجتمعات المحلية في إدارتها المستدامة.
آمالي في حسن الخلاص؛ وتقديري العميق.




