مقالات

هل للأحلام مكان بين مصادر المعرفة العلمية؟

بقلم : عبد العظيم ميرغني

هل للأحلام مكان بين مصادر المعرفة العلمية؟

• عزبزي القارئ هل سبق أن صادفت كلمة “حلم” في أي فهرس لكتاب في علوم الأحياء أو في مرجع من مراجع علوم الزراعة أو الفلسفة؟

• بالطبع لا، فالعلم غالبًا ما يتجاهل الأحلام، رغم أنها كثيرًا ما ترسم منعطفات خفية في مصائر البشر.

• ولعل ما جرى يوم الأحد 16 نوفمبر 2025، مثال حي على ذلك؛ إذ انتهت مواجهة منتخب الكونغو الديمقراطية ونيجيريا بالتعادل 1–1 في الوقتين الأصلي والإضافي، قبل أن تُحسم بركلات الترجيح لصالح الكونغو الديمقراطية بنتيجة 4–3.

• وكان سر هذا الانتصار – كما كشف مدرب الكنقو في المؤتمر الصحفي عقب المباراة – حلم الحارس البديل تيموثي فايولو، الذي رأى في المنام أن المباراة ستنتهي بالتعادل ذاته، وأنها ستُحسم بركلات الترجيح، كما شاهد في حلمه أماكن تسديد لاعبي الفريق النيجيري.

• وبناءً على هذا الحلم، أشركه المدرب خصيصًا قبل لحظات من نهاية الوقت الإضافي الثاني لتنفيذ ركلات الترجيح، رغم أن تيموثي لم يسبق له المشاركة مع المنتخب إلا مرة واحدة، ولم يُعرف عنه تصدي لأي ركلة جزاء من قبل.

• وتمكّن تيموثي من صد ركلتين للنيجيريين، ليمنح فريقه بطاقة العبور إلى الملحق العالمي، فكان هذا القرار المبني على الحلم هو الذي غيّر مجرى المباراة ووصل بالكونغو الديمقراطية إلى الملحق المؤهل لكأس العالم 2026.

• ليس كرة القدم وحدها من تأثرت بالأحلام؛ فقد استلهم ستيفنسون قصة “حالة د. جايكل والسيد هايد” من رؤيا منامية.

• وكتب صمويل تيلر قصيدة “خان كوبلا” بين 200 و300 بيت شعر خلال استغراقه في النوم.

• كما ابتُدع لحن وشعر الأنشودة الدينية In the Middle of the Night أثناء نوم صاحبها.

• كذلك، أشار حلم أوليفر كرومويل إلى أنه سيكون الرجل الأول في إنجلترا، وقد تحقق ذلك.

• كما رأى عبد الملك بن مروان في المنام أحداثًا تنبؤية تتعلق بأبنائه، حيث فسر ابن سيرين رؤياه بأن أربعة من أبنائه سيصلون إلى الخلافة، وتحقق ذلك بتعاقب الوليد وسليمان وهشام ويزيد على الحكم.

• ولولا حلم، لما أكمل الشاعر شرف الدين البوصيري قصيدته الخالدة “البردة”، فقد أصيب بالشلل أثناء نظم البيت: “مبلغ العلم فيه أنه بشر”، فزارَه الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام وأكمل له الشطر الثاني:

• “وأنه خير خلق الله كلهم”، ثم لبسه بردته ومسح بيده الشريفة على موضع الشلل، فاستيقظ البوصيري شافياً ومسرورًا، وسميت القصيدة البردة.

• لقد دخلت الأحلام دائرة العلم الحديث منذ العام 1953، واهتم بها علماء النفس والأعصاب، ومن بينهم بول ديفيس، الذي في كتابه The Mind of God أثار عدة تساؤلات حول مدى قدرتنا على التمييز بثقة مطلقة بين “عالم الأحلام” و”عالم اليقظة”.

• تساءل ديفيس: هل عالم الأحلام وهمي وعالم اليقظة حقيقي، أم العكس صحيح، أم أن كلاهما حقيقي أو كلاهما وهمي؟

• كما بحث عن المعايير الموضوعية التي يمكن استخدامها للفصل بينهما.

• ويرى ديفيس أن البعض قد يجيب بأن الأحلام تجارب شخصية وخاصة، بينما العالم الذي نعيشه في اليقظة ينسجم مع تجارب الآخرين.

• ويستدرك ديفسس ويقول لكن هذه الإجابة ليست كافية، إذ إن كثيرًا من الناس يتقاسمون تجارب أحلام متشابهة، كما يتقاسمون تجارب اليقظة؛ ومن أمثلة ذلك الأحلام للتي تسمر يالموازية، حيث يمر شخصان أو أكثر بنفس تجربة الحلم، مثل رؤيا سيدناوعبد الله بن زيد بن عبد ربه وسيدنا عمر بن الخطاب الخاصة بالآذان والإقامة.

• ويضيف ديفيس أن الاحتجاج بحقيقة أن الأحلام غالبًا ما تكون مشوشة ومجزأة وسخيفة لا ينفع، لأن ما يسمى بالعالم الحقيقي يمكن أن يبدو كذلك بعد شرب عدة كؤوس من الخمر أو عند الاستيقاظ من التخدير.

• والآن عزيزي القارئ، بعد كل هذه الأمثلة والدلائل: هل ترى أنه يجوز نشر ورقة علمية مستندة إلى حلم، إذا تم توثيق كل الأدلة والمراجع التي تدعمه؟

آمالي في حسن الخلاص؛ وتقديري العميق.

يقين برس

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى