السماء الفارغة… والرجل الواحد
مناديل الصمت : عقيد حقوقي متقاعد عادل يوسف حسن الباحث في الشئون الأمنيه والأستراتيجيه

(( واحد من رجال الجيش السوداني ))
اللواء الركن طيار على الريح . الذي قاد النصر في أول أيام حرب الكرامه .
بطائره غير صالحه للاستعمال.؛
وصله خبر أصابه نجله بطلق ناري في راسه وهو يستعد للقيام بواجبه المستحيل تجاه الوطن ؛
استمر في تنفيذ واجبه ؛ بعد ان علم باصابه نجله .
وقال ؛ تمام الحصه وطن .
كتب عنه ..
سيادتو : لؤي اسماعيل مجذوب مقال اعجبني .
سياتو لؤي اسماعيل مجذوب : الدفعه ٣٩ كليه حربيه ؛ ساحر الكتابه والسرد .
خبير عسكري ومحلل في فن الاستراتيجيه العسكريه الاستباقيه ؛ يحسن فن قراءه المعارك ونتاجها التكتيكي والاستراتيجي لمستقبل السودان ؛
بإذن مطلق من سيادته انقل من كتاباته روائع ما يكتب ؛
في زاويتي المتواضعه مناديل الصمت ؛
واعيد نشرها .
ناقل المقال :
فرسان الكرامة (الحلقة الثالثة)
اللواء ركن طيار طلال علي الريح… الرجل الذي طار وحده
✍️ لؤي إسماعيل مجذوب
السماء الفارغة… والرجل الواحد
صباح خانق يلف الخرطوم . الأبراج الشاهقة لمليشيا آل دقلو تعمل بلا توقف، شاشات القيادة تمتلئ بإشارات وأوامر، وأصوات اللاسلكي تطن في آذان قادة الانقلاب. في الخارج، الشوارع ترتجف تحت وقع الرصاص، والعاصمة على وشك السقوط الكامل .
وفي مطار وادي سيدنا، طائرة وحيدة تقف كجسد من حديد يئن بالأعطال. الجميع يعرف أنها غير صالحة لمهام طويلة. لكن رجلاً واحداً اقترب منها، صعد سلمها بخطوات واثقة، وأغلق بابها بيده. لم يكن يملك إلا قلبه وإيمانه. ذلك الرجل هو اللواء ركن طيار طلال علي الريح.
القرار المستحيل
صفارات الإنذار تعوي، الجنود يراقبون بدهشة. كيف يصر على الطلعة وحده؟
جلس في قمرة القيادة، أدار المحرك، ومع كل اهتزاز كانت الطائرة كأنها تئن من ثقل المسؤولية. كان القرار واضحاً: إما أن تُكتب صفحة جديدة للسودان، أو يسقط الوطن في ظلام الانقلاب.
الغارة التي أسقطت الوهم
ارتفعت الطائرة في السماء الخالية. لم يكن هناك سوى هدير محركها يخترق سكون الخرطوم.
حين اقترب من مركز الاتصالات والسيطرة للمليشيا، كان الانقلابيون مطمئنين في مقراتهم. فجأة دوى هدير مخيف فوق المبنى، تبعته صواريخ دقيقة اخترقت السقف، وانفجار هائل جعل النوافذ في قلب الخرطوم ترتجف، والغبار يغطي سماء العاصمة.
ارتبك القادة داخل القصر الجمهوري، انقطعت الاتصالات، وأجهزة اللاسلكي تصدر صمتاً مريباً. صرخات: “المركز سقط… المركز دمّر”. في لحظة واحدة، تحوّل المشهد من ثقة مطلقة إلى فوضى عارمة.
تمام… الحصة وطن
في مساء نفس اليوم، والعرق لم يجف بعد من جبينه، جاءه خبر لا يُحتمل: إصابة نجله مهتدي برصاصة في الرأس. أي أب كان سيهتز قلبه، لكن طلال واجه الخبر كما واجه السماء: بثبات.
لم يقل سوى كلمتين صارت أيقونة: “تمام… الحصة وطن”. كلمات قليلة لكنها أثقل من آلاف الخطب، تختزل العقيدة العسكرية في أنبل لحظاتها: الوطن قبل الذات، المعركة قبل الألم.
قيادة لا تعرف المسرح
لم يكن يبحث عن عدسات الكاميرات ولا عن التصفيق. طلال عرف أن القيادة تختبر في الظلام، حين يتردد الكثيرون ويتقدم القليل. حلق وحده، لكنه حمل معه شرف جيش كامل، وهيبة دولة، وعنفوان راية لم تسقط.
أسطورة من لحم ودم
منذ تلك اللحظة صار اسمه يتردد كحكاية أشبه بالأساطير. رجل من لحم ودم، لكنه تصرف كأن قلبه من حديد. وبينما كانت الخرطوم تترنح تحت المؤامرة، جاء صوت الطائرة الوحيدة ليعيد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح.
بهذه الطلعة الجوية، كتب اللواء ركن طيار طلال علي الريح أعظم درس في تاريخ السودان العسكري: أن السماء، مهما خلت، يكفيها رجل واحد ليغيّر مسار وطن.
يتبع…
لكن السماء لم تكن وحدها ساحة البطوله ففي عمق الأرض حيث الخرسانه والالغام والجسور والانفاق ، نهض رجل اخر قائد شجاع لم يحمل الطائره ، بل حمل الهندسه كسلاح يعامل الجيوش هو اللواء ركن ظافر عبد القادر عمر ، قائد سلاح المهندسين الذي جعل من الحديد والحجاره درعا للوطن ، انتظروه في الحلقه القادمه من فرسان الكرامه .