دموع الورد

مذكرات نازحة (٥) عبور الخزان 

دموع الورد : د. نوال خضر

 

مذكرات نازحة (٥) 

عبور الخزان 

كان الزمن يمر بطيئاً ونحن فى الانتظار وكانت أعداد الذين يريدون العبور فى تزايد مستمر ، جلسنا على الأرض ، واستلقينا عليها بعد أن طال الجلوس ، الكل يترقب والزمن يمضي بطيئاً ، وفى هذه الأثناء كانت هنالك عمليات تفتيش دقيقة تتم بواسطة أفراد يتبعون للجيش وكان التفتيش إلزامي كل محتويات الشنط أو مايحمله القادمون يفرغ على الأرض بغض النظر عن محتواها ومن يحملها فلا مهنة ولا بطاقة تشفع لصاحبها وكل من لم يكن لديه أوراقاً ثبوتيه يقتاد للتحري .

بالمقابل كان هنالك قادمون من الضفة الأخري وكان يتم معهم التحقيق والتدقيق بنفس الطريقة وكل من يشتبه به يقتاد أيضاً للتحري ، مشاهد مختلفه حدثت أمامنا ونحن فى إنتظار أن يسمح لنا بابور الخزان ومنها مشهد أحد القادمين من ام درمان وعند سؤاله عن اثبات هويته لم يكن لديه وقال أنه معلم لكن العسكري فطن الى أنه كان يرتدي شراباً باللون الأخضر مع شبشب وهنا عينه ماتشوف إلا النور تم ربط عينيه بفردة شرابه واخذ نصيبه من الجلد أمامنا واقتيد للتحري ( إما أنه دعامي او متعاون معهم ) وطبعاً الحرب كانت فى بدايتها ولم يكن يخطر ببالنا ماستؤول إليه الأمور لذلك رقت قلوبنا نحن السيدات واستهجنا التصرف حتى أننى أغمضت عيني ابني حتى لايري مايحدث ، لكنى أقسم بالله بعدما حدث من هذه المليشيا وما عايشناه لو رجع بي الزمن للوراء وتم تقطيعه امامي لقلت لهم هل من مزيد .

إحدي السيدات القادمات من منطقة جار النبي كانت تحكي عن مشاهدتها لجثث على قارعة الطريق وصلت حد الانتفاح دون أن تتم موارتها الثري وهى لعساكر ومدنيين، وغالباً هي للقوه العسكرية التى كانت فى قاعدة الجبل .

مرت الساعات بطيئة حتى وصلنا للساعة الواحدة ظهراً والتى أشار فيها العساكر بفتح الطريق لعبور الخزان فكانت لحظات صعبه الكل يهرول بإتجاه المخرج نساء ورجال وشباب ، ومرضي منهم من كان يُحمل على كرسي ، ومنهم من كان يُحمل على درداقة ، وعن نفسي وصلت مرحلة من التعب لم أستطع معها مساعدة اختى فى حمل رضيعها وعندما كانت تطلب منى المساعدة كنت اطلبها من بعض الشباب ليحملوا معها ، اظرف شئ مر بي فى عبور الخزان أن إحدي السيدات طلبت منى المساعدة فى حمل طفلها لكنى قلت لها أننى عجزت عن مساعدة اختى فى هذا الأمر وحتى لا تزعل اوقفت احد الشباب وطلت منه مساعدتها ، ورغم أن المسافة طويلة جداً إلا أنها كانت تمثل باب الخلاص للجميع ، قطعناها ونحن نجهل ما ينتظرنا بالضفة الأخري .

بمجرد أن قطعنا الخزان ولاحت المياه جرت اختى عليها ومعها ابنى طلبوا منى النزول للماء حتى نخفف على نفسنا وطأة السخانة لكنى رفضت فقد كنت أشعر اننى فى الرمق الأخير وإذا وصلت الماء فلن أخرج منها ، كنت أقف وانا فى غاية التعب وانظر للجميع وهو يجرون نحو الماء بكل لهفة ، كان كل تفكيري فى كيف سنصل ونحن لانملك جنيهاً واحداً والناس مزدحمون جداً ، فجاءة لاحت عربة جريت نحوها وحجزت المقعدين الأماميين وناديت على أختى وبعد أن جلسنا سألته (عندك بنكك) أجانبى بنعم وهنا تنفست الصعداء وكنت كمن وجد الكنز .

تجاذبنا أطراف الحديث مع السائق وسألناه عن الوضع فى صالحة فقال لنا أنه جاء كالهارب وان الدعم السريع ينتشر فى كل الطرقات ويفتشون كل العربات وياويل من يتم الاشتباه به واخبرنا أنه يحمل بطاقة عسكرية لكنه اخفاها داخل مقعده الذي يجلس عليه .

تحركت الحافلة والتى كانت وجهتها سوق ليبيا وبمجرد دخولنا لبدايات الصالحة بدت تلوح آثار عناصر الدعم السريع ففى تلك الأثناء كان الطيران قد ضرب معسكر الدعم بصالحة وتشتت الأفراد كانوا ينتشرون فى كل مكان عرباتهم ملخطة بالطين وكل المنازل تحت التشييد كانوا يخبئون فيها التاتشرات والمواتر ويقيمون نقاط تفتيش وفى محطة القيعة أوقفوا السيارة للتفتيش وانزلوا كل الرجال فيها لابراز هوياتهم احد الركاب وهو رجل يبدو عليه أنه خمسيني لم يكن معه إثبات شخصية تخيلوا ماذا قال له فرد الدعم السريع !

قال له الحرف الواحد (وانا اعرف كيف انك سوداني) اي والله بهذا اللفظ قالها من لا لكنته ولا هيئته تدل على أنه سوداني ، المهم بعد مفاوضات وشرح وتدخل من الركاب اطلق سراحنا كنا انا واختى اول من نزل فى لفة هجليجية، تلك المحطة التى كانت تضج بالحركة والناس والركشات وكانت عباره عن موقف مواصلات داخلية لم نجدبها أي أحد مما أشعرنا بالخوف لكن لحسن حظنا وجدنا ركشة وبعد جدل حول السعر قبل أن يقلنا للداخل وأخيراً وبعد عناء وصلنا

ونواصل …

نبض الورد

تخرج من دارك حزين ح تلاقي الفرح عند مين

يقين برس

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى