دموع الورد

مذكرات نازحة (٣) الطلقة الأولي

دموع الورد : د. نوال خضر

 

مذكرات نازحة (٣)

الطلقة الأولي

ذكرت فى الحلقة السابقة أنني لم أستطع أن احمل سوي كمية من البسكويت (خبيز العيد) ، وهنا قد يقول لى قائل (يعنى نفسك فاتحة لما خبزتي والحرب شغالة ، بمعنى الناس فى شنو والحسانية فى شنو ) وحكاية الخبيز هذه ستعيدنى إلى بداية الحرب ، الجميع يذكر أن هذه الحرب بدأت يوم السبت ، وكنا انا وشقيقتى وهى تحمل رتبة رائد فى القوات المسلحة فى زيارة لتقديم واجب عزاء لإبنة خالتنا التى تسكن الكلاكلة اللفة والتقيتنا بشقيقتنا التى تسكن فتيح العقليين واصرت الأخيره على أن نبيت معها ونرجع الصالحة صباح اليوم التالى وقد كان .

خرجنا من الفتيح حوالى الساعة السابعة والنصف صباحاً وقررنا أن نشتري مسلتزمات خبيز العيد من سوق الكلاكلة اللفة وقد كان اشترينا كل مانحتاجه وحتى تلك اللحظة كانت اللفة هادئه تماماً وكل شئ فيها طبيعي ، وعندما همننا بركوب المواصلات إلى السوق العربي بدأ كأن فى الأمر شئ ، بعض اصحاب الهايسات مترددين لأن هناك حديث عن أن الشارع (مقفول) .

احد اصحاب الهايسات قرر أن يشحن عربته ويتحرك وبالفعل ركبنا وتحرك حتى وصل منطقة الدباسين وهناك شاهدنا العربات وهي تغير إتجاهها من الطريق الرئيسي إلى داخل العزوزاب ، وهنا أوضح لنا السائق أن الطريق مغلق وأنه سيرجع إلى اللفة والخيار اصبح للركاب من يريد ان يرجع معه ومن يريد النزول والمجازفة ، وهنا اتصلت على زوج شقيقتى وهو نقيب فى سلاح المدرعات وشرحت له ماحدث فطلب مني أن نعود فوراً وقال لي أن هناك احداث على اتجاه الميناء البري ، وبالفعل رجعنا وقبل أن نصل اتصلت على والدتي لتثبيت ابن اختى وشقيقته الذين كانوا ينوون السفر إلى ولاية سنار ، وحتى تلك اللحظة وعقارب الساعة تشير إلى الاقتراب من العاشرة لم نكن نعلم شيئاً عما يجري ، وعندما وصلنا اللفة بدأت الحركة غير طبيعية وكأن كل شخص يريد أن ينجو بنفسه هناك هرولة وسرعة فى الحركة ولم تكن اللفة مكتظة بالناس والسيارات كما تركناها قبل قليل ومن حسن حظنا وجدنا حافلة أقلتنا للفتيح مرةً أخري ، وهنا اتصلت على الاذاعي ياسر محمد بشير لأننى كنت كل سبت أقدم معه برنامج سبت أخضر بإذاعة البيت السوداني وأخبرته أننى لن اتمكن من الحضور وبالمقابل أخبرني أن ترحيل الإذاعة تم ارجاعه الى ام درمان وحتى هم لن يستطيعوا الوصول للإذاعة ولم يكن يعرف ماذا حدث .

عند وصولنا الفتيح استقبلنا زوج شقيقتى بالتطمين وعندما دخلنا وجدنا قناة الحدث قد بثت خبر الاشتباك بين قوات الجيش والدعم السريع ، وتسمرنا انا واختى أمام شاشة الحدث، وزوج اختى يمسك بجواله ويتصل ليطمئن وكان اول خبر تلقيناه معه هو استشهاد دفعته فى الاذاعة واستلامها من قبل الدعم السريع ، وصراحة كنت كلما ذهبت للإذاعة تساورني أسئلة كثيرة عن انتشار الدعم السريع فى محيط الإذاعة ولديهم مقر بالقرب منها مقابل دبابه واحدة للجيش ، تقبل الله شهداء الإذاعة وكل شهداء معركة الكرامة .

ظلنا يومنا ذلك مرابطين فى مكاننا ومع مرور الوقت بدأنا نسمع أصوات مختلفه من الأسلحة، ولأننا كنا نجلس أمام الشاشة لازلت اذكر المرات التى ظهر فيها حميدتى من خلال شاشة الحدث ، الأولى التى صرح فيها وقال ( البرهان دا يا يستسلم يا نسلتمو) والمرة الثانية عندما قال لمذيعة الحدث انتى ماعندك شغلة غيري انا فى حرب) واختفي .

ونواصل ….

نبض الورد

خلاصة تجربة النزوح تخرج من دارك حزين ح تلاقي الفرح عند مين

يقين برس

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى