
مذكرات نازحة (1)
لا بديل للخرطوم إلا الخرطوم
لحظة خروجي من منزلى فى الخامس والعشرين من أبريل للعام 2023م لم أكن اتوقع أن تستغرق عودتنا إلى بيتنا أكثر من ثلاثة او أربعة أيام ولكنها مع استمرار الحرب استمرت رحلة النزوح بين المدن والقري بولاية نهر النيل ، ومع كل ما واجهته خلال هذه الفترة كنت اتردد فى الكتابة عما عايشته سلباً أو ايجاباً لكنى أخيراً قررت أن اكتب عن رحلتي خلال هذه الفترة عن كل ماواجهته من لحظات صعبة ولحظات ضحكنا فيها على أنفسنا ، عن شخصيات تمنيت لو لم اعرفهم وعمن سعدنا بالتعرف إليهم ، عن مفارقات لم نكن نتوقعها .
وبالتأكيد سأحتاج إلى حلقات وحلقات للحديث عن رحلة النزوح التى سنكمل فيها العامين بعد أيام قلائل لندخل فى العام الثالث .
كثيرون ينتقدوننا عندما نقول أننا (نازحين) وتخفيفاً علينا يقول البعض أننا (وافدين) وحجتهم أن أصولنا من ولاية نهر النيل ومن وفدنا او نزحنا إليهم هم أهلنا وعشيرتنا ، لكن من المفارقات أن ذات الأهل والعشيرة اطلقوا علينا عبارة (دعامة) بمعنى أننا أخرجنا من ديارنا بواسطة الدعم السريع وعن نفسي فسرت هذا التعبير بأنه نوع من أنواع الدعابة ، لكن يظل الشاهد فى الأمر أن النزوح احساس يعيشه الشخص وكل من اطلق على نفسه نازح فقد شعر بإحساس النزوح .
وقبل أن أبدا فى سرد رحلة النزوح دعوني اقل وبكل صراحة أنه لابديل للخرطوم إلا الخرطوم رغم أنني ابنة ولاية الجزيرة (مدينة ودمدنى) ترعرت فيها ودرست فيها كل مراحلى الدراسية ولم ابارحها إلا فى مطلع الالفينات لتحط رحالى بولاية الخرطوم .
ومهما كان رأي الناس فى العاصمة الخرطوم إلا أنها كانت عبارة عن سودان مصغر تتعايش فيه كل القبائل بكل الحب ، حتى الاختلاف فيها بحب ، الناس فيها طيبون جداً كثير من الصفات التى كنا نراها فى الخرطوم افتقدناها فى فترة النزوح ، إكتشفنا أن خرطومنا كانت جنتنا وحديثى هنا بصيغة الجمع لأن هذا كان احساس كل الذين عرفتهم فى فترة النزوح وكل من نزحوا مثلي من الأهل والعشيرة ، ويالتأكيد هذا ليس لعيب فى اهلنا بولاية نهر النيل ولكنه اختلاف فى نمط الحياة .
ستعود الخرطوم بإذن الله رغم كل ماحاق بها من دمار وربما تعود ابهي وانضر من حيث المباني والبني التحتية لكنها حتماً ستكون قد فقدت الكثير من المعاني والشخصيات ، كما أن التغيير سيطالها وسيطال قاطنيها.
كم انتى جميلة أيتها الخرطوم العاصمة المثلثة، كم افتقدناك وكم يحرقنا الشوق إليك فهل من عودة هل ؟؟
ونواصل ….
نبض الورد
خلاصة تجربة النزوح
(تخرج من دارك حزين ح تلاقي الفرح عند مين )