دموع الورد

السياسى والطبال

دموع الورد : د. نوال حضر

 

السياسى والطبال

إخترت عنوان هذا المقال على وزن الفيلم العربي ( الراقصة والطبال ) الذى لعب دور البطولة فيه المرحوم احمد زكى والممثلة نبيلة عبيد وبإختصار تدور قصة الفيلم حول الطبال الذى إكتشف موهبة الراقصة وعلمها الرقص على أنغام طبلته حتى طبقت شهرتها الآفاق ولم تعد تخضع له .. وصار يعتقد أنه هو الذى صنعها وأن أنغام طبلته لها سحر لايقاوم ودخل معها فى رهان أن طبلته ستفوز وأنه عندما يتركها ستعود للمربع الأول .. لكنه راهن على الخسارة لأن الجمهور كان يريد أن يشاهد وليس أن يسمع وهكذا خسر الطبال أمام الراقصة رغم أنها كانت صنيعته .

اما هنا فى هذه المساحة والبلاد تطفو على سطح من الصفيح الساخن ، من المؤكد أنه طفا الى السطح عدد لا يستهان به من المطبلاتية وحارقى البخور كما يحلو للبعض تسميتهم وكل يريد عرض بضاعته حتى يجد لنفسه موضع قدم فى مرحلة مابعد الحرب ، كما أن البعض صنعوا نموراً من ورق فى هذه المرحلة الحساسة من عمر البلاد ..

والطبال هنا ليس هو صاحب الإيقاع او من ينقر الطبل .. وإنما قصدت به ذلك الشخص الإنتهازى الذى يستقل مهاراته فى كسب ود ذوى المناصب الرفيعة من الساسة والتنفيذيين .. وبالتاكيد للساسة نصيب الأسد من ود المطبلاتيه .. لأن النفس البشرية جبلت على حب الإطراء ، لذلك ليس غريباً أن يطرب الساسة للإطراء حتى ولو كان مجافياً للحقيقة ولنا فى التاريخ نماذج كثيرة لساسة كثيرو الطرب للإطراء لذلك كثر حولهم المطبلاتية .. ومن هنا يجد الطبالون حظهم او قل طريقهم الى امجادهم .. وليس بالضرورة أن يكون الطبال شخص موهوب ذوو كفاءة عالية وقدرة على الخلق والإبداع ، لكن المهم هو أن يعرف كيف يتملق أهدافه والأهم من ذلك أن يعرف كيف يغير جلده متى ما أستدعى الأمر ( أقصد مواقفه ) ، إذ لا ثوابت للطبال سوى مصلحته وحيث مالت يميل ، وكثير من الساسه صنعهم الطبالون وانطبق عليهم ماأنطبق على قصة الفيلم إذ سرعان مايصعد الساسة إلى أعلى ويبقى الطبال فى مكانه يبحث عن آخر .. وعلى الضفة الأخرى من الطبالون يقف السدنه .. والسادن هو الحارس الأمين وأشهر السدنه على الإطلاق هم سدنة الكعبه المشرفة .. وهم سلالة نالوا شرف حفظ مفاتيح الكعبة والإهتمام بها .. وعندنا فى السودان أشهر السدنة هم سدنة مايو .. إذ ظهر هذا المصطلح بعد الإطاحة بنظام مايو وكان يطلق على كل الكوادر التى كانت تنتمى او عملت فى عهد الرئيس الأسبق نميرى رحمه الله وكانوا يدينون بالولاء او الحب لثورة مايو وقائدها .. ومن كلمة الولاء هنا يبدو الفرق واضحاً بين السدنة والطبالون .. فالسدنة هم أشخاص ذوو مواقف تربطهم قناعاتهم وولائهم بالجهات او الأشخاص الذين ينتمون إليهم .. لا تحركهم مصالحهم الشخصية بقدر مايحركهم الهم العام وما يمليه عليهم الواجب .

ومن الطبيعى أن يكون لكل نظام سدنته ولكل حاكم بطانته .. وهذه البطانة تضم السدنة والطبالون .. وسعيد هو من إستطاع أن يفرق بين الإثنين .. لأن الخط الفاصل بينهما رفيع جداً ، وكثير من الأشخاص الذين كانوا يتبوأون المناصب الرفيعة تفاجأوا بعد أن غادروها بأن معظم من كان حولهم هم من المطبلاتية .. وقليل هم الذين إستمر ودهم لهم ..

إن أنبل مافى السدنة الوفاء وحفظ الجميل ، وأسواء مافى المطبلاتية الطعن من الخلف .. فالذى يزين العبارات وهو يستقبلك اليوم سيكون هو ذات الشخص الذى سيكيل لك السباب والشتائم وهو يستقبل خليفتك فى الغد ..

لذلك هى نصيحة نقدمها لوجه الله تعالى لكل من تقلد منصباً .. تخيرو من يتكلم عنكم ومن يرسم صورتكم .. لا تغرنكم الكلمات الفضفاضة والعبارات الرنانة لأن السم فى ( الدسم ) ، تصالحوا مع أنفسكم أولاً وأخلصو النية ، إقتنعوا بما أنتم مقبلون عليه حتى يسهل عليكم إقناع قواعدكم .. وإياكم والطبال فإن للطبال سحر لايقاومه الساسة .

نبض الورد

الكراسي لاتمنح الوقار .. فقط هى الكلمة الطيبة التى تفعل ذلك

يقين برس

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى