التدريب المهني.. مشروع طال انتظاره
منذ زمان غير قريب لا أكاد أذكر ان اهتماما قد أولي للتدريب المهني ولتوفير وظائف بديلة ولتحويل الخريجين إلى منتجين. لاقى التدريب هذا الاهمال في وقت عجز فيه دولاب الدولة ودولاب العمل عن استيعاب الكثرة الكاثرة من خريجي الكليات النظرية. بل وحتى الكليات التطبيقية. وظل مصدر ازمتنا ومكمن عجزنا وقصورنا
ان التخصصات الجامعية لم تربط بسوق العمل ولم نراع في توسعنا في التعليم العالي سد الحاجة إلى تخصصات بعينها. بل لم نعن بجودة التعليم وكيفه بل مضينا في توسع غير محسوب حسابه ولم نخضع لأي مقياس نتائجه. أكثر من ذلك أن الدولة في أعلى مستوياتها اشاحت بطرفها ونظرها عن التعليم الفني والمهني. وكان مصدر فخرنا ان يلج ابناؤنا المساقات الاكاديمية. وينأون بأنفسهم عن المساقات الفنية ويتجافوا عن التدريب المهني والتلمذة الصناعية. أكثر من ذلك قضينا على المعهد الفني. ورأينا ان نطوره تطويرا عكسيا إلى معهد الكليات التكنولوجية. ثم واريناه حيا عندما حولناه بقدرة إلى جامعة السودان. كانت تلك آخر شمعة مضاءة في كوة التعليم الفني.
من حينها لم يعد احد يذكر التعليم الفني والتدريب المهني والتلمذة الصناعية الا على استحياء. ونذكر هنا أن كثيرين منا قد دهشوا يوم ان سارعت السفارات لاجلاء رعاياها في السودان. دهشوا من كم الرعايا الأجانب في الخزطوم وماذا يفعلون. المغرمون بالتفسير الرمادي قالوا ان هؤلاء يتجسسون علينا ويحصون علينا أنفاسنا. لكن الامين العام لمجلس التدريب المهني والتلمذة الصناعية بولاية نهر النيل رد الظاهرة إلى أن غالب هؤلاء استعان بهم السودان لسد فراغ النقص في العمالة الماهرة.
كم كان أمرا مفرحا وانا اشهد اليوم بمدينة عطبرة على غير توقع سمنارا انعقد شراكة بين محلية عطبرة ومجلس التدريب المهني لاقامة مراكز لتدريب الشباب الخريجين ولاكسابهم وظائف بديلة وتحويلهم إلى طاقة نافعة ومنتجة. كم كان مسعدا ومفعما للأمل ما قاله مدير تنفيذي عطبرة أسامة اللبيب من أن المحلية ضاعفت ميزانية التنمية لثلاثة أضعاف حتى في ظل هذه الحرب الضروس وارتفعت بميزانيتها العامة من 8 إلى 18 ترليون. وانها على أتم استعداد لتبنى مشروعات التدريب المهني والتوسع في مراكزه وتبني ثقافته.
الامين العام لمجلس التدريب المهني مجاهد مصطفى شرح اسباب الانصراف عن التعليم الفني والتدريب المهني. وان هذا كان بسبب نظرة قاصرة من المجتمع حيال التعليم الفني ومساقاته وعزوف الدولة عن الاهتمام بقطاعاته. لكنه بشر بشراكات
جديدة بين التعليم ومشروع تشغيل الخريجين ومحلية عطبرة ستكون ثمرته توفير عمالة ماهرة ومهنة تكون امانا من الفقر وسد فجوة مزمنة عانى منها السودان في توفير خبرات فنية تخدم التنمية ومتطلباتها وتعيد ترتيب الأولويات ووضع العربة امام الحصان.
لا نملك الا ان نشد على أيدي الشركاء.
إذ بذلك يحققون شعارا يرفعه مجلس التدريب المهني اعطوا للتدريب المهني ما يطلبه ووسعوا له في ميزانياته وادعموا شراكاته واقيموا مراكز له في كل مكان ينشده. عظموا ثقافته واطرحوا جانبا
المفاهيم السالبة حوله. طوروا القوانين الحاميةله وازيلوا كل تقاطع يعترض طريقه. مكنوه من الوصول للأجهزة الإعلامية والشرائح الشبابية.
لأجل ان نحول الشباب الخريجين لطاقة فعالة ومنتجة وقادرة على ان تتجاوز التحديات وتتغلب على كل المعوقات واحالة كل النقم الى نعم.