الحارس مالنا ودمنا
لم تطربنى اغنية ولحن فى هذه الفترة كما تطربني أغنية ( الحارس مالنا ودمنا اريت جيشنا جيش الهنا ) طرب لدرجة أننى اترنم بكلماتها فى كثير من الأحيان ، وليت الجيل الحالى يعرف قيمة مثل هذه الكلمات ، فنحن نعيش فى زمن الهبوط الذوقى إن جاز التعبير ، فالأغاني التى يتداولها الشباب والكلمات والالفاظ التى يتنادون بها لاتشبه تاريخنا ولاتمت الى حاضرنا بصلة وهي عتمة لمستقبلنا .
نعود لأغنية الحارس مالنا ودمنا والتى كتب كلماتها الشاعر عمر البنا قبل مايقارب النصف قرن او يزيد وتغنى بها الفنان كمال ترباس وابدع كعادته ، ولعل مادعانى للبوح اليوم بهذا الحب لهذه الأغنية حب أكبر ومهما تحدث الناس سلباً او ايجاباً ، ومهما اختلفوا او اتفقوا ، ومهما وصفوا القوات المسلحة السودانية بأي صفة يظل حبها يجرى منى مجري الدم ، ولا ازايد على هذا الحب ولا اساوم ، فقد احببت الكاكي الأخضر وانا طفلة احببته وأنا اري العرض العسكري يمر من أمام ناظري فى مدينة ودمدنى ، أحببته وانا استمتع بصوت العساكر وهم يترنمون بأغنياتهم وهم يركضون صباحاً ، احببته وانا اري هيبة البدلة العسكرية على الرئيس جعفر نميرى عليه رحمة الله ، احببته وانا اري كل العساكر وهم مثالاً للأناقة والنظافة والانضباط ، كل هذه الصور تكونت فى ذاكرتي فتشبعت بحب الجيش ، حتى أننى عندما كنت أشاهد برنامج ساحات الفداء كنت ابكي على كل من استشهد وحتى ذلك الوقت لم اكن افرق بين الاسلاميين والشيوعيين ، كنت ابكي لأن هذا الذي مضي مضي من أجل السودان ، ولأن هذا الذى إختار الجيش قد إختار السودان .
مرت الأيام والسنوات وكبرنا وكبر فهمنا للحياة وللتقلبات السياسية وصدق من قال أن السياسة لعبة قذرة ، وبالفعل هي كذلك وأول من دفع ثمن هذه القذارة هو الجيش السودانى (قوات شعبنا المسلحة) اقحم فى ساحة لاناقة له فيها ولا جمل ، هذا الإقحام جعل السهام تنتاشه من كل جانب ، ولكنه كما عهدناه ظل صامداً وقابضاً على جمر قضية السودان .
قال لي احدهم أننى مغيبة فى دفاعي عن القوات المسلحة ( سايقنى بالخلا) ولكنى اقول له ولكل من يقول مثل هذا الكلام ، انا ومن مثلي دعونا مغييبن دعونا ندعم جيشنا فى معركة الكرامة ، الآن الجيش يحتاج منا أن نقف معه أن نشد من أزره ولو بالدعوات ، ثم بعد أن تنتهي الحرب وتضع أوزارها نعود لوعينا هذا إن كنا مغيبين فعلاً ، لكنى على ثقة تامة بأنى أدعم جيش بلادي وانا بكامل قواي العقلية ، وإن لم اكن كذلك لما رددت
الحارس مالنا ودمنا
اريت جيشنا جيش الهنا
عهداُ قريب مابعيد
التاريخ لى نفسو بيعيد
القنابل تقذف تبيد
السوداني الموت عندو عيد
كلمات تبعث الطمأنية فى النفس وكيف لا نطمئن ونحن محروسون بعد عناية الله بجيش سيذكر فى التاريخ الحديث للحروب .
لست خبيرةً عسكرية لأتحدث بتفاصيل عن الجيش الشودانى ولكنى مواطنة سودانية أحبت جيش بلادها من اصغر جندي وحتى اكبر رتبة عسكرية فيه ، أحببتهم وأحببت أن اتقدم لهم بالتهنئة فى عيدهم السبعين ، أهنئهم وأشد من أزرهم وأتمنى لهم نصراً يشبههم ، وفى هذه المناسبة اترحم على كل من مضوا الى رحاب الله أسال الله أن يتقبلهم شهداء فى جنات عرضها السموات والأرض ، وخالص الدعوات بعاجل الشفاء لكل الجرحي والمصابين .
وقبل أن اختم اود أن اقول لمن يتحدثون عن الجيش والقوات المسلحة بسوء هولاء رجال قبلوا أن يواجهوا الموت من أجل تراب هذا الوطن فماذا فعلتم انتم ؟