
بقرة وقداها وتدها
عاد صديقي من الغربة في العام 2005 وقرر ان ينشيء شركة تعمل في مجال النظافة، حيث كان مبهورا بالخدمة التي كانت تقدمها تلك الشركات الخاصة بالنظافة مما كان يراه يوميا ابان عمله في الشركة التي يعمل بها و كيف ان شركة النظافة التي تعاقدت معها شركتهم ابلت بلاء حسنا.
و ليقدم خدمة ممتازة فقد تعاقد صاحبي مع عدد من العمال من الجنسيات الفلبينية والبنغالية ليقدموا له أفضل الخدمات في السودان، فكان هذا حصان رهانه، و في ذلك الوقت كان الجنيه السوداني بعافيته.
اتصل بي ذات يوم وهو يعد العدة وشرح لي ما لديه، فسألته من يدير هؤلاء العمال؟ فاشار لي الى احد الشباب السودانيين، أثناء الجلسة تحاورت مع الشاب و سألته عن عمله قبل هذا العمل فقال انه تخرج قبل عامين وهو ابن اخت صاحبي.
خرجنا انا وصديقي لتناول القهوة فقلت له هل تقبل الرأي الآخر؟ فقال بالتأكيد، قلت له ان عملك بهذه الطريقة لن يحقق لك حلمك، وسيفشل مشروعك، فوضع يده على رأسه وقال لي خليك محضر خير.
قلت له نعم انت لديك عمالة مدربة و مؤهلة و صاحبة خبرة، لكن المشرف عليها و الذي يتلقون تعليماتهم و تعليمهم منه لم يبلغ حلم الخبرة بعد، فبدلا من ان يكون اعلى من مستوى معرفتهم وخبرتهم ليعينهم على اداء عمل ممتاز سيحد من مستوى ادائهم لانهم يفهمون أفضل منه مما سيؤدي الى تراخيهم وضعف منتوجهم.
قلت له بدلا من ان تتكفل بمصروفات عشرة اجانب يصرفون مرتباتهم بالعملة الصعبة كان الافضل لك ان تتعاقد مع شخص واحد مؤهل ليشرف على العمل و يقوم بتدريب عمالة سودانية ليفيدك و يفيدهم و يفيد نفسه و البلد فتضمن إستمرار العمل والجودة و نفرخ عمالة مدربة لك ولغيرك ان تركوا العمل معك وتخلق جو من التنافس السريف الذي يحرض على الابداع. فقال لي اني فعلت ما فعلت، وسألته هل ستستمر والنتائج باتت أمامك؟ قال أسوي شنو، وانتهت جلستنا وتمنيفت له الخير.
بعد فترة علمت ان ما توقعناه قد حدث و خسر صديقي حصاد غربته. والمؤسف أن هذا هو حالنا في السودان حيث المقاود في يد الاقل علما و حلما واخلاقا وكفاءة ، الذين ليس لديهم ما يقدموه لانفسهم أو لغيرهم غير انهم أولاد فلان واقرباء فلان وابناء المكان الفلاني، لذلك ظل الفشل حليفنا لأننا لانتعظ حتى بعد ان تقع الفاس في الراس.






