مقالات

السودان: من “هل نزرع” إلى “أين نزرع”

بقلم : د. عبد العظيم ميرغني

السودان: من “هل نزرع” إلى “أين نزرع”

• أصدرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وثيقة حالة موارد الأراضي والتربة والمياه 2025، وتُظهر:

• أكثر من 1.6 مليار هكتار من أراضي العالم متدهورة، أي أكثر من 10% من مساحة اليابسة.

• أكثر من 60% من هذا التدهور يقع في الأراضي الزراعية (محاصيل ومراعي)، في حين تشغل الزراعة نحو 4.8 مليارات هكتار، أي قرابة ثلث مساحة اليابسة.

• تواتر الجفاف والفيضانات تسبب بخسائر زراعية تُقدَّر بنحو 123 مليار دولار سنويًا، بينما نحو 64% من الأراضي الزراعية معرضة لخطر التلوث بالمبيدات.

• الزيادة في الإنتاج الزراعي خلال الستين عامًا الماضية تحققت في معظمها عبر التكثيف، في حين لم يتجاوز التوسع الأفقي 8% فقط، ما يؤكد أن أزمة الأراضي عالميًا أزمة إدارة غير مستدامة لا نقص مساحة.

• في إفريقيا جنوب الصحراء، الغلال الفعلية للمحاصيل المطرية منخفضة جدًا، وهو مؤشر على أن المشكلة الأساسية ضعف الإدارة والإنتاجية، لا محدودية الأراضي الزراعية.

• بعض الأرقام التفصيلية قد تختلف بين المصادر، لكن من المؤكد أن الزراعة المطرية هي الغالبة وأن الري محدود، ما يجعل إدارة الأرض والماء محورًا رئيسيًا للأمن الغذائي.

• منذ 1992، يتراجع نصيب الفرد من الأراضي المزروعة عالميًا، ما يعكس وصول التوسع الأفقي إلى حدوده البيئية والاعتماد المتزايد على تكثيف الاستخدام.

• الأراضي المروية تشكل نحو 23% فقط من إجمالي المساحة المزروعة عالميًا، لكنها تنتج قرابة 48% من قيمة الإنتاج الزراعي، ما يبرز الدور الحاسم للمياه في رفع الإنتاجية.

• الزراعة تسحب نحو 72% من المياه العذبة المسحوبة عالميًا، بينما يعيش نحو 1.2 مليار شخص في مناطق زراعية تعاني من قيود مائية شديدة، ما يجعل أزمة المياه أزمة كفاءة وإدارة أكثر من كونها نقصًا مطلقًا.

• ارتفع متوسط استخدام الأسمدة إلى 116 كجم/هكتار في 2023، أكثر من أربعة أضعاف الستينيات، مع تدهور خصوبة التربة وتصاعد الضغوط البيئية.

• أكثر من 60% من تدهور التربة البشري يقع في المحاصيل والمراعي، ويشمل نحو 996 مليون هكتار من الأراضي الزراعية بسبب خصوبة التربة والملوحة والتعرية وسوء الصرف.

• التوسع الحضري في الأراضي الزراعية والغابات تضاعف أكثر من مرتين خلال عقدين، وابتلع نحو 24 مليون هكتار من الأراضي الخصبة و4.6 ملايين هكتار من الغابات.

• في بلدان الهشاشة مثل السودان، التوسع الأفقي محدود الأثر، والزراعة المطرية مع تقلب الأمطار والجفاف وتدهور التربة تجعل التوسع غير المخطط يزيد المشكلة.

• الأرض في السودان ليست فقيرة بطبيعتها، بل أُنهكت بفعل الضغوط المتراكمة وسوء الإدارة، وهو توصيف يتسق مع مفهوم “الأراضي المستقرة تحت ضغط”.

• وفق التقرير الوطني لتحييد تدهور الأراضي في السودان (2017)، نحو 33% من أراضي البلاد مستقرة أو مستقرة تحت ضغط، في حين بلغت المساحات المتدهورة نحو 21 مليون هكتار، أي قرابة 12% من مساحة السودان.

• المراعي تمثل أحد أبرز بؤر التدهور، بمساحة متأثرة تقارب 9 ملايين هكتار، منها نحو 5 ملايين هكتار منخفضة الإنتاجية، مقابل 4 ملايين هكتار مستقرة لكنها مُجهَدة.

• المساحة المتأثرة من الأراضي الزراعية بلغت نحو 11 مليون هكتار، منها قرابة 8 ملايين هكتار ذات إنتاجية متدهورة، ونحو 3 ملايين هكتار مستقرة تحت ضغط.

• الأراضي المتدهورة من الغابات قُدرت بنحو 412 ألف هكتار، بينها مساحات مستقرة لكنها مُنهكة بيئيًا.

• معالجة أزمة الزراعة في السودان تبدأ من إعادة تنظيم العلاقة بين الأرض والتربة والمياه، أي الانتقال من سؤال “هل نزرع؟” إلى سؤال “أين نزرع، وتحت أي شروط بيئية، وبأي كفاءة؟”.

• الإصلاح الحقيقي يمر عبر إدارة مستدامة للأراضي والتربة والمياه، وتبني الزراعة المحافظة والزراعة الغابية، مدعومًا بنظم إنذار مبكر للجفاف، وبحث علمي فاعل، وحوكمة قادرة على تحويل السياسات إلى ممارسة.

• إذن، أزمة الزراعة في السودان ليست أزمة ندرة موارد بقدر ما هي أزمة اختيار وإدارة، قبل أن تتحول الأرض من مُرهَقة إلى مُنهَكة، ومن منتجة إلى عبء على أهلها.

آمالي في حسن الخلاص؛ وتقديري العميق.

 

د. نوال خضر

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى