مقالات

الفساد: من التاريخ والدين إلى قوانين الكون والواقع المعاصر

بقلم : د. عبد العظيم ميرغني

الفساد: من التاريخ والدين إلى قوانين الكون والواقع المعاصر

بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد –      9 ديسمبر

• “كلُّ بني آدم خَطَّاءٌ”، إلا يحيى بن زكريا عليه السلام، فإنه ورد عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال عنه أنه لم يَهَم بخطيئة قط.

• والفساد في معناه العام هو الغواية والمعصية والانحراف عن مبادئ النزاهة والاستقامة. وهو مفهوم لازم التجربة الإنسانية منذ بدايتها.

• قديماً، كتب الشيخ الإمام أبو الحسين أحمد بن فارس إلى بديع الزمان الهمذاني، صاحب المقامات، ينعى إليه فساد الزمان.

• فأجابه بديع الزمان قائلاً: “يقول الشيخ الإمام فسد الزمان؟ أفلا يقول: متى كان صالحاً؟ ”

• ثم مضى مستعرضاً التاريخ من الدولة العباسية التي عاش في كنفها إلى الأموية،

• بل إلى ما قبل خلق الإنسان، حين قالت الملائكة: ﴿أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾.

• وفي ذلك إشارة مبكرة إلى أن الفساد ظاهرة تاريخية متكررة، ومكوّن أصيل من سيرورة الزمن الإنساني.

• والفساد أشكال وأنواع، وهو في بعض أشكاله حادث منذ أن أسكن الله آدم وزوجه الجنّة وَعَصَياه فغَوَيا.

• فهناك الفساد الديني والأخلاقي، وهو الانحراف عن القيم والمبادئ.

• والفساد القانوني والمؤسسي، وهو الاستخدام غير المشروع للسلطة أو الوظيفة لتحقيق مكاسب شخصية.

• ويجب التمييز بين الفساد وغيره من الأفعال غير المشروعة.؛

• ففي قطاع الغابات يُعد استخدام الوظيفة لتحقيق مكاسب شخصية فساداً صريحاً.

• المخالفات غير المقصودة أثناء أداء العمل إهمالاً أو قصوراً في الكفاءة، لا فساد.

• أما سرقة أخشاب الغابة من قبل غير العاملين بالقطاع فتُعد جريمة جنائية مكتملة الأركان.

• والفساد في تزايد مستمرٍ، كما أشارت النصوص الدينية عند الحديث عن تراجع القيم بمرور الزمن.

• ووفق قوانين الديناميكا الحرارية، يسير الفساد نحو ازدياد في الكون منذ نشأته بـ “الاعتلاج أو الإنتروبي”.

• فبينما ينص القانون الأول على أن الطاقة لا تفنى ولا تُستحدث من عدم، يقرر القانون الثاني أن كل تحول للطاقة تصاحبه خسارة تتبدد في الوسط المحيط.

• ويمكن النظر إلى هذه الخسارة الملازمة للحركة والتحول، بوصفها فساداً كونيًا ملازماً للتغير.

• وتشمل أضرار ظاهرة الفساد، إضعاف الدولة وتعطيل التنمية وتقويّض العدالة، وتؤدي إلى تدهور البيئة والموارد الطبيعية.

• ولا تُواجه هذه الظاهرة إلا بتعزيز النزاهة والمحاسبة، ورفع الوعي المجتمعي، وتفعيل رقابة مؤسسية ومجتمعية تحمي الموارد العامة وتصون مقاصد الحكم الرشيد.

آمالي في حسن الخلاص؛ وتقديري العميق.

 

د. نوال خضر

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى