
حرب المصالح والقيم والاخلاق.
كان حاج اللمين رجلا صارما و ملتزما، كان تاجرا، وكان صاحب لوري يقصد به الاسواق، يشتري البضائع والمحاصيل من مناطق انتاجها و يقصد به الأسواق التي تسمى باسماء الأيام التي تعقد فيها، سوق الاثنين في المكان الفلاني، و سوق الاربعاء في مكان آخر، و سوق الجمعة في المنطقة الفلانية.
اهلنا الكردافة، فرج الله كربتهم وكربتنا يسمونها ألسواق أم دورور، وعلى ما اذكر ان سوق ام صميمة كان يوم الاربعاء، و هي المنطقة التي شهدت اشرس المعارك اثناء هذه الحرب، و قد قابلنا فيها أناس معتقون بالانسانية بكل تفاصيلها اثناء عملنا في مجال الصمغ العربي و مهرجان صمغ السودان.
كان حاج اللمين كل ما قصد سوقا كان في معيته سائق جديد، فقد كان لا يذكر السواقين بخير ابدا، و ما ان تنتهي رحلته لاي من هذه الاسواق يقوم بطرد السائق بحجة انه بسب الدين.
وسالم حفيد حاج اللمين لبنته، كان في ذلك اليوم بلا عمل حينما طرد جده احد السواقين بذات السبب الذي طرد فيه سالم من قبل.
كان هناك سوقا محترما وضع عليه حاج اللمين كل امنياته وجهز له بضاعة منتقاة، لكن لم يكن هناك سائقا يقود لوري الجلابي حاج اللمين. فاشار الناس لحاج اللمين بان يستعين بسالم لينقذه من هذا المحك.
فارسل حاج اللمين في طلب سالم الذي كان وقتها يتسامر مع بعض زملاء مهنته، فمازحوه وكل يدله و يرسم له طريق عودته للحلة بعد ان يتم طرده من قبل جده ، فراهنهم سالم بانه سبنتصر على جده هذه المرة.
جلس سالم خلف المقود وعلى يمينه جلس جده الجلابي حاج اللمين، و ضرب سالم البوري المتلت عازفا اغنية ال بالعصر مروروا. و تحرك اللوري عصرا متأخرا ليغازل التلال والرمال حتى يصل فجرا مكان ذلك السوق، وحاج اللمين مرة مرة يخرج دفتره، مرة يسجل ومرة يقرأ و كأنه يضع خطة استراتيجية لغزو ذلك السوق.
وبينما هم كذلك فجأة تعطل البوري بفعل سالم، فسأله جده في شنو يا جنا، فقال له اللوري اتعطل الننزل اشوفو مالو، ونزل سالم وفرش المصلاية تحت اللوري وظل يعافر مصدرا اصواتا من ضرب الحديد ببعضه وحاج اللمين لا يريد لهذا العطل ان يطول وهم في قلب هذه النقعة حتى لا يفوته السوق.
لم تكن معرفة حاج اللمين ممتازة بالحديد، فكان سالم بعد كل كوبلي من المعافرة تحت اللوري وداخل الكبوت يصعد الى مكانه محاولا تشغيل اللوري.
فسأله جده الشي الحاصل شنو؟ فقال له سالم يا جدي أصلا الحديد دا لو ما سبو ليهو الدين ما بدور، فنهره جده وقال له دا كلام فارغ. وتكررت محاولات سالم في اصلاح العطل المفتعل، و لما أخذ الوقت في الافول و توسط القمر السماء ناداهو جده وقال له يا سالم هسه كان سبيتلو بدور؟ فرد سالم سريعا، كيف ما بدور؟
فقال له حاج اللمين خلاص انا برجاك قدام، وانت سبلو زي ماك داير، فرد سالم يا جدي اخير تكون راكب لأنو لو دور ووقفتلك ببطل تاني، فركب الجد وقال لسالم خلاص انا بقبل لا بره وأنت سويلو، يقصد ان يسب له الدين.
ظبط سالم الوضع وكال ما كال من السباب و هو يحاول تشغيل الماكينة لما اللوري دور ، وانبسط سالم بتمرير اجندته على جده و انبسط الجد كونه سيلحق بالسوق، وفي كل مرة كان سالم يعطل اللوري والجد يطلب منه ان يسويلو.
وهنا انتصرت المصلحة على القيم والاخلاق ولم يعد مهما كيف تصل لتحقيق مصالحك، انما المصلحة فوق كل القيم والاخلاق والدين حتى، وهكذا يدار العالم حولنا وما نحن فيه من حروب، على المستويات المحلية والاقليمية والدولية امريكا تقبل اوروبا تقبل افريقيا تقبل قحاتة يقبلوا والدعامة يسوولنا.






