
سقوط الفاشر سقوط المخطط
وتستمر الفزلكة السياسية، و رواد البوكر السياسي العالمي يلقون بنردهم في طاولات السياسة وفي ايديهم كاسات الخمر وحولهم بعض البغايا.
منذ ان بدأت الحرب كانوا يرمون بنردهم ويبحثوا عن الهدن بحجج المرور الآمن للمساعدات الإنسانية ويفتحون المجال لوصول العتاد والاعانات لجنودهم بغية التمكين.
كانت كل هدنة يعقبها تمكين، وكل تمكين لهم يعقبه نصر لنا حتى عادوا يقاتلوا حيث كانوا، فالحرب الدائرة الآن سيشهد عليها التأريخ يوما ما ليخبركم انها اكثر حرب حول العالم مورس فيها الدهاء الذي حول اسم القوات المقاتلة من دعم سريع الى جنجويد و مرتزقة، و جعلهم يعيشون كما يعيشون الآن بعد ان فقدوا مئات الآلاف من مقاتليهم و ذهبت عنهم السلطة والسطوة والجاه و تمت تعريتهم وتعرية من يدعمهم حمرة عين أمام الجميع.
كان الناس يمتعضون عند كل إعلان لاهدن، التي كانت تطلب عبر المجتمع الدولي الذي يبحث عن أي ذريعة ليأتينا بها كما اتى لغيرنا من الدول، فكان لابد من القبول، برغم أن الهدف منها كان معلوما لدى القيادة العسكرية التي كانت تضع الخطط لتحيله الى خزي وهزيمة نكراء للعدو.
الآن و في جبهة أخرى ذات خصوصية اغرت امريكا السودان بالحوار المباشر الذي يعتبر مكسبا سياسيا، عله يكون العشاء الاخير، و ظلوا يرمون نردهم فتتحرك الطاولة ليجمعوا ما يرونه مكسبا لهم، ونحن نكسب أمام العالم اننا ليس كما روج عنا، وأننا نبحث عن السلام وفي نفس الوقت نبحث عن الحد المعقول من الخصوصية والسيادة كدولة وسلامة مواطنينا واراضينا.
و ان تلك الورقة التي يرون انهم ربحوا البيع فيها انما هي المخرج الوحيد الآمن لنا من الورطة التي رمانا فيها نفس القمرتجية في وقت سابق حينما صاغوا اتفاقية جوبا.
هم من صاغوه وهم من هدوا معبده فوق رؤوسهم اجمعين، لأن سقوط الفاشر يعني سقوط اتفاق جوبا ما فوق وما تحت الطاولة، كما قال مناوي، و بايدي من صاغوه. اتفاق جوبا ذلك الاتفاق السمج الذي باسمه توزع تجار الحرب وعملاء المحاور الاخرى في أرجاء السودان مطالبين بحصص وزعت ضمن المخطط الشامل الذي قطعت من كتابه صفحات الدعم السريع، وتبقت فيه فقط بعض وريقات لما يسمونها بالقوات المشتركة.
منذ ان كانت قوات متمردة وحتى اليوم لم استطع ان اطلق عليها غير صفتها التي غرستها فينا الدولة نفسها، فالحركات الدارفورية المتمردة المسلحة بعد ان تم تدليعها بحركات الكفاح المسلح، وهي تنهش في عظم الوطن تلبية لرغبات محاور خارجية، تتمشدق بأنها تسعى لتليية حقوق الدارفوريين والمهمشين، الا انها كانت تسعى لغير ذلك بدليل حيادها في الحرب احتراما وتنفيذا لاتفاق جوبا، ثم تواجدها في اماكن ليس من المفترض أن توجد فيها غير تكملة ما تبقى من اتفاق جوبا التحت الطاولة.
وبعد ان سقطت الفاشر واستبسل الجيش فيها وصد مئتان وستة وستون هجوما، واستشهد فيها نفر كريم من ابناء السودان قاطبة، فكان من كل ولاية ومدينة ومنطقة وقبيلة شهيدا، وابناء الولاية والمنطقة المدربين قتاليا والمدججين بالسلاح يتواجدون بالمدن الآمنة يروعون ويهددون المواطنين العزل ويتوعدون بما اوعز لهم كعقيدة قتالية وسببا في انضمامهم لتلك القوات.
والآن أما ان تذهب تلك القوات للدفاع عن مناطقها أو تبقى حيث هي، فإن ذهبوا استنزفوا قوتهم الصلبة هناك وعادوا الى ممارسة حقهم المشروع في اطار ما كانوا ينادوا به، واذا بقوا في اماكنهم فقدوا سندهم الشعبي الذي ظلوا يتوكئون عليه.
سيستعيد الجيش الفاشر وكل شبر حتى حبايب وسلاتين والفشقة و سيستعيد معها ميزان القوة ويمزق للأبد اتفاق جوبا، و في كل مرة يفقد الجنجويد و داعموهم و الموالون لهم احترام انفسهم والعالم اجمع بما يقترفونه من فظائع، فسقوط الفاشر يعني سلامة الوطن وسقوط المخطط و اعادة ضبط المصنع.







