مقالات

 التعليم من أجل الريادة: نحو جيل يقود المستقبل لا يلاحقه

بقلم :  د. محمد صلاح علي الفكي

 

 التعليم من أجل الريادة: نحو جيل يقود المستقبل لا يلاحقه

“فهل نستيقظ قبل أن يُمحى دورنا من الخارطة العلمية؟ وهل نمتلك الجرأة لنفكك ما لا يصلح، ونبني ما يصلح؟ الجواب يكمن في السؤال ذاته: هل نريد أن نبقى تحت عباءة التاريخ، أم نكون جزءًا من صناعته القادمة؟

  التعليم ليس أداة للتوظيف فقط… بل هو السلاح النبيل لصناعة الأمم.”

في عالم تتسارع فيه تحولات الثورة الصناعية الرابعة، تُثبت بعض الأمم أنها لا تنتظر التغيير بل تصنعه. وبينما تنشغل دول كثيرة بترقيع أنظمة تعليم تقليدية مهترئة، اتخذت الصين خطوة استراتيجية شاملة نحو بناء “أمة متعلمة” بحلول 2035، في إطار رؤية وطنية تدمج بين التحول الاقتصادي والمعرفي، وتُخضع التعليم لقيادة الواقع لا الأوهام.

تحول جذري: من التلقين إلى التمكين

في واحدة من أكبر عمليات تحديث التعليم الجامعي، وجّهت الصين أكثر من 40% من طلابها إلى التخصصات التقنية والهندسية، وألغت 1650 تخصصًا تقليديًا لا تواكب حاجات السوق، واستحدثت 1900 تخصص جديد.

 أبرز التخصصات المستحدثة:

1. هندسة الذكاء الاصطناعي

2. هندسة الجزيئات الذكية

3. تكنولوجيا الاقتصاد منخفض الارتفاع

4. علوم الحياد الكربوني

5. هندسة المعلومات الزمكانية

6. الأمن السيبراني المتقدم

7. هندسة الروبوتات الذكية

8. الحوسبة الكمومية التطبيقية

9. هندسة المواد المتقدمة

10. تكنولوجيا الطاقة الجديدة

11. الطب الحيوي الذكي

12. الزراعة الذكية المستدامة

وتم إلغاء تخصصات مثل:

الأدب الكلاسيكي، الفلسفة التقليدية، الصحافة الورقية، التاريخ القديم، علم الاجتماع العام، والموسيقى التقليدية، لأنها لم تعد تخدم مشروع الدولة الحديثة.

الرؤية الاستراتيجية وراء التحول:

مواءمة التعليم مع الثورة الصناعية الرابعة

توطين المعرفة والابتكار

إعداد كوادر تكنولوجية تقود الاقتصاد الجديد

تحقيق الريادة العالمية بحلول 2035م

كيف نستفيد من هذه التجربة في السودان؟

في ضوء الاستراتيجية ربع القرنية (2007–2031م)، يمكن الاستفادة من التجربة الصينية من خلال:

1. إعادة هيكلة التخصصات الجامعية لتخدم أولويات الإنتاج الوطني، لا تراعي فقط رغبات الطلاب.

2. إدماج الزراعة الذكية والطب الحيوي والطاقات المتجددة في منظومة التعليم العالي والفني.

3. ربط الجامعات بسوق العمل الوطني وتوجيه البحث العلمي نحو التصنيع الغذائي والدوائي.

4. تأسيس مجلس وطني للابتكار والتعليم التقني يشرف على التنفيذ لا التخطيط فقط.

5. مواءمة التعليم مع أهداف التنمية المستدامة 2030، خاصة:

الهدف 2: القضاء على الجوع عبر الزراعة الذكية

الهدف 3: الصحة الجيدة من خلال الطب الوقائي والتقني

الهدف 4: التعليم الجيد

الهدف 8: العمل اللائق والنمو الاقتصادي

الهدف 9: الصناعة والابتكار

الهدف 17: عقد الشراكات الفاعلة

 الإدارة الفعالة للتعليم التنموي:

التحول الصيني يعكس قوة التخطيط والإرادة والتنفيذ. فالمؤسسات التعليمية لم تُترك لمصيرها، بل خضعت لحوكمة دقيقة تُربط فيها المناهج بالواقع، والتمويل بالعائد، والمخرجات بالتوظيف المنتج.

“التعليم ليس أداة للتوظيف فقط… بل هو السلاح النبيل لصناعة الأمم.

يقين برس

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى