مقالات

اللواء نصر الدين عبد الفتاح… صخرة المدرعات والعدو الأول للمليشيا

مناديل الصمت : عقيد حقوقي متقاعد عادل يوسف حسن باحث في الشئون الأمنيه والأستراتيجيه 

 

سلاح الفرسان الذي حصد صفوة ابناء الماهريه ؛ 

ننقل لكم ماكتب

سيادتو : لؤي اسماعيل مجذوب يؤرخ لقائد هذا السلاح في سلسله ( فرسان الكرامه.) 

_______________

 بقلم  : لؤي إسماعيل مجذوب

فرسان الكرامة (الحلقة الثانية)

في زمن الانكسار يبرز معدن الرجال، وفي لحظات التحدي تولد الأساطير.

هذه السلسلة ليست مجرد رواية لبطولات عابرة، بل هي شهادة للتاريخ، نسطر بها مواقف قادة حملوا أرواحهم على أكفهم، واختاروا أن يكونوا حصونًا للوطن حين تهاوت من حولهم الجدران.

إنهم فرسان الكرامة، رجالٌ لم يكتبوا المجد بالمداد، بل بالدم والصمود، وصاروا منارات تهدي الأجيال إلى معنى الانضباط والولاء والوفاء للشرف العسكري.

اللواء نصر الدين عبد الفتاح… صخرة المدرعات والعدو الأول للمليشيا

في تاريخ الأمم لحظات فاصلة، يتقدم فيها الرجال الاستثنائيون ليكتبوا بدمائهم ومواقفهم ما تعجز الكلمات عن وصفه. وإذا كان اللواء هشام درنكي قد فتح سجل سلسلة “فرسان الكرامة” بالبطولة والإقدام، فإن اللواء نصر الدين عبد الفتاح يمثل الصفحة الأكثر صلابة وجرأة في مواجهة المليشيا، ليس فقط في زمن الحرب، بل قبل اندلاعها، حين كان حميدتي يظن أنه الحاكم بأمره والآمر الناهي في البلاد.

عودة الفارس من المعاش

خرج اللواء نصر الدين عبد الفتاح إلى المعاش بعد رحلة طويلة في ميادين العسكرية، لكنه لم يخرج من وجدان رفاقه ولا من ذاكرة سلاح المدرعات. وعندما حلّت ساعة الحقيقة، لم يتردد لحظة في العودة إلى الميدان، لا كضابط متقاعد يستعيد ماضيه، بل كقائد حاضر يصنع المستقبل.

لقد قاد المدرعات في لحظة فارقة، فحولها من مجرد سلاح تقني إلى رمز وطني، وصخرة صلدة تكسرت عندها اندفاعة المليشيا، مرة تلو الأخرى.

نصر الدين في مواجهة حميدتي… كسر الغرور

قبل اندلاع الحرب، كان حميدتي في ذروة سطوته، يسيطر على مقاليد الدولة، ويملي أوامره وكأن البلاد ملك يمينه. في تلك الأجواء المشحونة، وقف اللواء نصر الدين شامخًا في اجتماع بالقيادة العامة، ليضع حدًا لتجاوزات قائد المليشيا. لم يهادن، لم يساوم، ولم يخف من سطوة النفوذ والمال.

كانت المواجهة صريحة وحاسمة، أجبرت حميدتي على الاعتذار أمام الجمع. إهانة بالغة لم يتجرعها قائد المليشيا إلا غصبًا، وظلت غصة في حلقه. ومنذ تلك اللحظة، دخل نصر الدين والمدرعات قائمة “الأعداء الشخصيين” لحميدتي، وتحولت الكراهية إلى استهداف ممنهج.

بكراوي ونصر الدين… تحالف الموقف والمبدأ

لم يكن اللواء نصر الدين وحده في عدائه للمليشيا. فقد التقى مع اللواء عبد الباقي بكراوي على ذات القناعة: أن الدعم السريع جسم دخيل وخطر على وجود الدولة، ولا بد من إنهائه. محاولات بكراوي التصحيحية لم تكن إلا تعبيرًا عن هذا الإدراك المبكر.

هذا التحالف غير المعلن جعل المليشيا تنظر إلى المدرعات بعين الريبة والخوف، فالمؤسسة التي يقودها نصر الدين لم تكن قابلة للاختراق، بل كانت على النقيض تمامًا: رأس الحربة في مواجهة مشروعها.

حصار المدرعات… اختبار الصمود

في أيام سطوة حميدتي على الدولة، لم تتردد المليشيا في تطويق سلاح المدرعات بعرباتها القتالية، محاولة فرض الهيمنة بالقوة. لكن المشهد انقلب عليهم. اللواء نصر الدين، ثابتًا كالجبل، واجههم بلا تردد. قال لهم كلمته الشهيرة:

“امهلوني حتى أفرغ من فنجان قهوتي، ثم جربوا حظكم.”

لم تكن الكلمات مجرد تحدٍ عابر، بل إعلانًا صريحًا بأن المدرعات لن تخضع ولن تُروَّض. ارتبك المهاجمون، وارتدوا خائبين، وهم يدركون أن هذا الرجل لا يساوم في شرف الميدان ولا يعرف لغة الخضوع.

لماذا أصبحت المدرعات العدو رقم (1) للمليشيا؟

العداء لم يكن خيارًا عشوائيًا. فالمليشيا تعلمت من التجربة أن سلاح المدرعات تحت قيادة نصر الدين وبكراوي يمثل الخطر الوجودي الأكبر عليها. هو السلاح الذي لا يقبل المساومات، والقيادة التي تجرأت على إهانة قائدها وإذلاله أمام الدولة.

ومنذ ذلك اليوم، ركزت المليشيا كل قوتها على استهداف المدرعات، لكنها في كل مرة كانت تصطدم بجدار صلب، جدار صنعه صمود الرجال وإيمانهم بأن الوطن لا يُباع ولا يُشترى.

إرث خالد

اللواء نصر الدين عبد الفتاح لم يكن مجرد قائد عسكري عابر. لقد كان مدرسة في الانضباط والجرأة والصلابة، ومثالاً على أن الضابط حين يضع شرفه العسكري فوق كل اعتبار، يتحول إلى رمز وطني خالد.

معركة الكرامة ستبقى شاهدة على دوره المحوري، ليس فقط في إدارة النيران، بل في صناعة المعنويات. فالرجل الذي كسر كبرياء حميدتي، وأفشل تطويق المليشيا للمدرعات، وأعاد الثقة للجنود والشعب، يستحق أن يُذكر كلما ذُكر المجد.

وهكذا نمضي في سطور فرسان الكرامة، من قائد إلى آخر، ومن موقف إلى مبدأ.

كل حلقة ليست نهاية، بل بداية جديدة في سجل البطولة الممتد، الذي ينتظره القادة والجنود والشعب على حد سواء.

فترقبوا ما هو آتٍ… فالتاريخ لا يزال يكتب صفحاته ببطولات رجالٍ عاهدوا الله والوطن على ألا يتركوا راية السودان تسقط.

لكن سجل فرسان الكرامة لم يكتمل بعد… فبعد صخرة المدرعات، سيأتي الحديث عن فارس آخر من طراز نادر، رجلٌ جعل من الحديد جسورًا للعبور، وحوّل من الميدان مدرسة للابتكار والتحدي.

انتظروا الحلقة القادمة… حيث تلتقي الشجاعة بالهندسة، وتكتب البطولة فصلًا جديدًا في تاريخ الصمود.

يقين برس

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى