
درس الغابة الأخير – في اليوم العالمي للحد من الكوارث (13 أكتوبر)
• في كل زاوية من الطبيعة درس للبشر، غير أن أصدق هذه الدروس تنبثق من الغابة، حيث تتجلى قوانين البقاء والتوازن في أنقى صورها.
• في الغابة، لا تترك الأمور للصدفة، بل لكل كائن دور يضمن استمرارية الحياة، من أصغر حشرة إلى أضخم شجرة.
• هناك، في عمق الطبيعة، تتجسد فكرة الحد من الكوارث في معناها الفطري: فالتوازن هو خط الدفاع الأول ضد الفناء.
• ويبدو هذا التوازن جلياً في الغابة، حيث تتسابق الأشجار نحو السماء، تسعى كل شجرة لاقتناص نصيبها من الضوء، دون أن تخلّ بنظام الحياة من حولها.
• حتى في صراعها، تحافظ الغابة على نظامها، فلا تتحول المنافسة إلى دمار.
• ومن هذا المشهد، تعلم الإنسان أول دروس البقاء، لكنه حمل معه روح التنافس دون حكمة التوازن.
• فاختلت العلاقة بينه وبين الطبيعة، وبدأت الكوارث تتكاثر من حوله: فيضانات، جفاف، أعاصير، وحرائق غابات.
• ومن هنا جاءت الجهود العالمية منذ العام 2015 لتوحيد مفاهيم التنمية والمناخ والبيئة والحد من الكوارث في منظومة واحدة، قوامها أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر بحلول عام 2030.
• فالحد من الكوارث لا يعني فقط مواجهة الفيضانات أو الزلازل، بل بناء ثقافة وقاية منها، تمتد من الغابة إلى الصحراء، ومن مقاعد الدراسة إلى الحقول، ومن القرار السياسي إلى السلوك الفردي.
• ولو أن العالم التزم حقًا بهذا المسار، لتغير وجه الأرض: تنفست المدن هواءً نقيًا، واستعادت الأنهار صفاءها، ونهضت الغابات من رمادها.
• وعندها فقط يمكن القول إن التنمية بلغت معناها الحقيقي، إذ أصبحت توازنًا بين الإنسان والطبيعة، يتقاسم فيها البشر الخبز والماء والأمل.
• أما إن استمر الحال كما هو عليه، فسيبقى الكوكب مثقلاً بالأزمات المناخية والاقتصادية والإنسانية.
• ومع ذلك، فإن ما تحقق من خطط واستراتيجيات يبرهن على أن التغيير ممكن، وأن الحد من الكوارث يبدأ حين نتعلم من الغابة درسها الأخير: أن الوقاية ليست ترفًا، بل شرط البقاء.
• وذاك هو جوهر إطار سِنداي، الخطة العالمية للحد من مخاطر الكوارث (2015–2030)، التي أقرتها الأمم المتحدة في مؤتمر سِنداي باليابان في مارس 2015، وجُعلت متسقة مع أجندة التنمية المستدامة للفترة نفسها؛ إذ يجعل الوقاية طريق النجاة، وسبيل الإنسان ليحيا في سلامٍ مع الطبيعة لا في صراعٍ معها.
آمالي في حسن الخلاص؛ وتقديري العميميرغني