مقالات

رسالة في بريد والي ولاية النيل الأبيض

بقلم : د. عبد العظيم ميرغني

رسالة في بريد والي ولاية النيل الأبيض

إلى سعادة والي النيل الأبيض

سعادة الوالي الموقر

بعد السلام عليكم ورحمة الله

• أحياناً يلوح للمرء فراغ خفي، لا تلتقطه العين، لكنه يحسه بعمق رغم أن الصورة توهم بالكمال.

• في علم البصر هناك ما يعرف بالبؤرة العمياء؛ نقطة طبيعية في العين ليست عيباً ولا مرضاً، لكنها لا تلتقط الصورة، فيملؤها الدماغ تلقائياً بما حولها، فيتوهم الرائي أن رؤيته كاملة.

• وإذا أسقطنا هذا المفهوم على خبر الأمس، 9 يوليو 2025، الذي حمل إشادة اتحادية بمجهودات منظمة الإيفاد في دعم التنمية الزراعية بولايات: كسلا، القضارف، سنار، الجزيرة، الخرطوم، نهر النيل وشمال كردفان، نجد أن الصورة تبدو مكتملة، لكن هناك فراغاً خفياً يطلّ من الغياب.

• الخبر يبدو شاملاً في ظاهرهً، يغطي معظم إقليم الشرق وكل الوسط ويتمدد جغرافياً حتى نهر النيل وكردفان.

• لكن مع كل قراءة متأنية للخبر يتبدى سؤال لا مفر منه: أين بحر أبيض؟

• الخبر يوهم بالشمول بينما يقصى بحر أبيض عن دائرة الاهتمام.

• هنا يجب التنويه إلى أن الاستدلال بخبر الإشادة الاتحادية لا يعني أبداً وجود مؤامرة أو نية لإقصاء بحر أبيض، فلا أحد له مصلحة في ذلك، لا الوزارة الاتحادية ولا المنظمة الدولية، إنما هو مجرد مثال يكشف زاوية منسية.

• وقد تحتاج ولاية بحر أبيض إلى مزيد من إبراز إمكاناتها ومواردها لضمان مكانتها في خارطة التنمية.

• في التنمية، بحر أبيض يظل شاهداً حياً على الغياب، ويكاد يكون بؤرة عين الوطن العمياء في المجال؛ فهو يوشك أن يكون خارج مجال الرؤية تماما.

• وكذا يتكرر الغياب في السياسة والاقتصاد والاجتماعً: فراغ في خريطة الاهتمام العام، وإغفال للموارد، وتهميش للأصوات، رغم صورة التماسك الظاهر.

سعادة الوالي

• هذه ليست مجرد ملاحظات عابرات، بل صرخة من قلب ولايتك أن تكون جزءًا من خريطة التنمية.

• بحر أبيض ولاية غنية بطاقاتها البشرية، وثرية بثرواتها الطبيعية، ومواردها الزراعية، من إنتاج سكر ومحاصيل حقلية غذائية ونقدية وثروتها الحيوانية الغزيرة ومواردها السمكية المميزة، مما يجعل إدماجها في خطط الإيفاد ليس منّة، بل استثماراً حقيقياً في حاضر ومستقبل البلاد.

• ومن هنا تنبع دعوتي أن تبادروا بخطوات واضحة لجعل صوت الولاية مسموعاً في كل مائدة تنموية، لأن الاعتراف بالفراغ هو البداية، أما ملؤه بالفعل فهو مسؤوليتكم أمام مواطنيكم والتاريخ.

• فبحر أبيض تملك ما يجعلها شريكاً أساسياً في التنمية المستدامة، وكل ما تحتاجه هو أن تجد مكانها في خريطة الاهتمام الوطني.

• نحن على يقين أنكم قادرون على جعل ذلك واقعاً، ليغدو الغياب الذي كان بالأمس حضوراً فاعلاً اليوم وغداً.

وأخيراً سعادة الوالي، وكما قال شمس الدين التبريزي لتلميذه إبن الرومي يوماً حين ضل طريقه: ‘ارجع، فما تبحث عنه قد تركته وراءك’؛

• فكذلك شأننا في بحر أبيض. ليست المشكلة في الغياب من خبر اتحادي ضربنا به المثال، بل في أننا نحن أنفسنا لم نضع ولايتنا حيث تستحق أن تكون.

• هذا الغياب ليس وليد خبر الإيفاد المشار إليه أعلاه وحده، سعادة الوالي، بل امتداد لتاريخ طويل من التجاوز.

• مشروع الإيفاد، الذي دعم التنمية وحسّن سبل كسب العيش وسعى للتخفيف من آثار تغير المناخ ومكافحة الفقر والجوع في ولايات كسلا، القضارف، سنار، الجزيرة، الخرطوم، نهر النيل وشمال كردفان. واستمر طويلاً قبل أن يُستأنف لاحقاً، تجاوز بحر أبيض.

• أوردناه هنا ليس لتوجيه لوم، بل لتسليط الضوء على الزوايا المنسية في خارطة التنمية وإبراز إمكانات الولاية،

• وهنا، سعادة الوالي، يجيء دوركم في قيادة مسار الإصلاح وردّ الولاية إلى مكانها الطبيعي.

مع فائق التقدير والاحترام

من مواطني الكنوز بجر أبيض

يقين برس

صحيفة الكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى