
الأرنب والأسد : حكاية عن الحق والقوة
• كنا حوالي عشرين طالب دراسات عليا من مختلف الدول الاسكندنافية حين اجتمعنا في مثل هذا الوقت من أغسطس عام 1991 في كورس فسيولوجيا النباتات وقص علينا بروفيسور باسي بوتانان هذه الحكاية:
• خرج أرنب من جحره في ذات يوم خريفي جميل، يستمتع بالخضرة ونسمات الطقس العليلة.
• كان اليوم رائعاً لدرجة أنسته الحذر، فأغفل بروتوكولات السلامة التي تفرضها حياة الغابة.
• هنا تسلل ثعلب بخطوات هادئة حتى أمسك به: سأتغدى بك اليوم، قال الثعلب.
• انتظر، رد الأرنب، أمهلني بضعة أيام، فأنا على وشك إنهاء رسالة الدكتوراه.
• دكتوراه؟ وما موضوعها؟ تساءل الثعلب.
• تفوق الأرانب على الذئاب والثعالب، رد الأرنب.
• هذا هراء! الجميع يعرف أننا أذكى وأقوى منكم، أيها الأرنب.
• يمكنك زيارة جحري لتقرأها بنفسك، وإن لم تقتنع، فكلني”، قال الثعلب متحدياً.
• تغلب الفضول على الثعلب، فذهب مع الأرنب، لكنه لم يعد أبداً.
• بعد أيام، خرج الأرنب مجدداً، فانقض عليه ذئب: لن تفلت هذه المرة.
• أمهلني، فأنا أنهي أطروحتي، قال الأرنب متوسلاً.
• ضحك الذئب حتى كاد الأرنب يفلت منه، ثم قال: دعني أراها، وبعدها نفصل في أمرك.
• دخل الذئب جحر الأرنب… ولم يعد.
• وأخيراً، أنهى الأرنب رسالته، وذهب يحتفل في مزرعة خس مجاورة. فقابله أرنب آخر وقال: يبدو أنك سعيد.
• أنهيت الدكتوراه، قال الأرنب لصديقه.
• تهانينا! رد الصديق، وما موضوعها؟
• تفوق الأرانب على الذئاب والثعالب، جاءه الرد صاعقاً.
• هذا لا يعقل! قال الصديق.
• تعال لترى بنفسك، قال الأرنب بحسم لصديقه.
• وهناك في الجحر، رأى الصديق فوضى أوراق وأجهزة مما اعتاد أن يخلفه طلاب الدراسات العليا في ختام دراساتهم، وعلى اليمين رأى كومة عظام ثعالب، وعلى اليسار كومة عظام ذئاب، وفي الوسط أسد.
• العبرة لطلاب الدراسات العليا: ليس المهم عنوان أطروحتك، بل من يشرف عليها. هكذا أنهى بروفيسور بوتانان حكايته.
• فضحكنا يومها من ذكاء الأرنب ودهاء مشرفه.
• لكننا حين تأملنا قليلاً، وجدنا أن الغابة ليست بعيدة عن عالمنا، وأن ما يجري بين الحيوانات يشبه ما يحدث بين البشر في السياسة والتعليم والبيئة.
• والآن ماذا نتعلم نحن جميعاً من هذه الحكاية؟
• أولاً، في عالم تحكمه قوانين الغاب، ليس المهم قوة الحق، بل حق القوة.
• ثانياً، العنوان قد يكون مجرد زخرف، والمحتوى تفاصيل، لكن اسم المشرف هو كل القصة.
• وهكذا، سواء في قاعات الجامعات أو في دهاليز السياسة، ليس الحق وحده ما يصنع النتيجة، بل من يملكه ويحسن توجيهه.
آمالي في حسن الخلاص؛ وتحياتي.