
الاستثمار في الإنسان: المعركة المؤجلة وبوابة النهضة المستدامة
“إن أخطر أزمات التنمية ليست في نقص الموارد، بل في عجز الإنسان عن إدارتها.”
🔷 الإنسان السوداني: عائق النهضة وأملها
رغم وفرة الموارد الطبيعية، وتنوع الجغرافيا، وعمق الإرث الحضاري، لا يزال السودان يعيش حالة مزمنة من العجز التنموي. السؤال الذي يُلح على الخبراء والمفكرين:
كيف لدولةٍ تملك نهرين وأرضين ومعدنين وعقول مهاجرة … أن تعجز عن توفير الخبز والدواء؟
الإجابة لا تكمن في السماء، ولا في النفط، ولا في العقوبات… بل في الإنسان السوداني نفسه.
هو التحدي الأكبر، والفرصة الأثمن.
هو أصل العجز… ومفتاح الحل.
🔷 فائض موارد يقابله عجز في التفعيل الذاتي
إن السودان لا يعاني من نقص في الإمكانيات، بل من فائض في التعطيل المؤسسي والذهني والسلوكي.
نعيش واقعًا تتفوق فيه “العلاقات” على الكفاءة، والمناسبات على الإنتاج، والانتماءات الهامشية على المواطنة.
وتُختزل الدولة في الأشخاص لا في المؤسسات، وتُدفن الكفاءات في دهاليز الواسطة والبيروقراطية.
🔷 المسؤولية المشتركة: من الفرد إلى المؤسسة
كلما تعطلت مؤسسة، وجهنا اللوم إلى الحكومة.
كلما فشل مشروع، ألقينا المسؤولية على “الظروف”.
لكننا قلّما نتساءل:
من يُنتج هذا المسؤول؟ ومن يُبرر فشله؟ ومن يقبل بالصمت؟
إن أزمة السودان ليست فقط في القيادات، بل في الثقافة العامة التي تُبرر القصور، وتُطبع مع اللافعالية، وتُكرّس عقلية “الزول البعرف لي زول”.
🔷 الإنسان أولًا: مدخل التنمية المستدامة
لا يمكن لأي خطة إعمار، أو مشروع دستور، أو مبادرة اقتصادية أن تنجح دون إعادة تشكيل الإنسان السوداني:
الإنسان المنتج لا المتلقي
الإنسان المُساءل لا المتذمر
الإنسان الوطني لا القبلي
الإنسان الذي يعمل بإتقان، ويؤمن بأن العمل أمانة، والوطن مسؤولية شخصية وجماعية
وهذا ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة 2030 (SDGs)، لا سيما:
الهدف 4: التعليم الجيد
الهدف 8: العمل اللائق ونمو الاقتصاد
الهدف 16: السلام والعدل والمؤسسات القوية
الهدف 17: الشراكات من أجل الأهداف
🔷 من بناء السودان بناء الضمير الوطني
إعادة الإعمار لا تبدأ من الطرق والمطارات، بل من المدارس والجامعات، ومن الإعلام والخطاب العام، ومن أخلاقيات الوظيفة العامة.
إن الاستراتيجية ربع القرنية (2007–2031م) أكدت مرارًا أن الإنسان هو محور النهضة، لكن ظل التنفيذ معلقًا في غياب الإرادة المجتمعية لإعادة البناء الذاتي.
🔷 معركة الوعي: من رد الفعل إلى المبادرة
لسنا في حاجة إلى مزيد من الخطابات، بل إلى نية جماعية للنهضة:
نية تُترجم إلى مبادرات مجتمعية
إلى ضمير مهني
إلى استثمار في الطفولة والتعليم والقيم
إن الوطن لا يحتاج إلى بطل فرد، بل إلى مواطنين صادقين، واعين، فاعلين.
🔷 إن لم نبنِ الإنسان… سيسقط كل شيء
الميناء يتعطل إن غاب الضمير
المدرسة تنهار إن غاب المعلم القدوة
المشروع يفشل إن غاب الانتماء الحقيقي
ولهذا، فإن معركة الإنسان مع ذاته هي المعركة المؤجلة، لكنها الأعظم أثرًا.
🔷 نداء : كن أنت الدولة
لا تنتظر إصلاحًا من فوق
ابدأ بنفسك، بمكتبك، بمزرعتك، بمسؤوليتك
فالدولة تبدأ من ضمير الفرد
🔷 الأصل في النهضة إنسانٌ يحب وطنه بصدق
إننا لا نعيش أزمة فقر… بل أزمة مواطنة
ولا نحتاج إلى موارد إضافية… بل إلى إعادة توجيه الإنسان نحو الإنتاج والكرامة والمسؤولية
🌱 افتحوا معركة الذات… وانتصروا فيها
وسيرتفع السودان، ويعود علمه عاليًا، ووطنه عزيزًا
تمامًا كما أراده الآباء المؤسسون… وكما يستحقه الأبناء القادمون .