
مصر تجدد دعمها الكامل للسودان
لعبت مصر دورا محوريا في حفظ التوازن الدولي والإقليمي في التعامل مع الأزمة السودانية ، وتعد مصر رمانة ميزان القوى وحاجز دفاع أمام التطفيف والانجراف تجاه النيل من استقرار ووحدة وسيادة السودان وسلامة اراضيه ومؤوسسات الدولة الشرعية ، وظهر ذلك بجلاء في اجتماع اللجنة الرباعية الذي انفض سامره قبل انعقاده بالولايات المتحدة الأميركية ، فبحسب الأنباء المتواترة لعبت مصر دورا بارزا في افشال الخطط الخبيثة التي كانت تستهدف السودان ، فالقاهرة رفضت بشكل قاطع المبادرة الأميركية التي دعت إلى تمكين شخصيات مدنية محايدة ، بدعم دولي ، لتولي قيادة المرحلة الانتقالية، معتبرة أن المقترح يمثل تهديداً مباشراً للسودان ،
ورغم موافقة الرياض وأبوظبي على مناقشة المقترح الأميركي ، فإن رفض مصر أدى إلى انهيار جهود الرباعية ، وأوقف ما كان يُنظر إليه كمبادرة مهمة لتشكيل موقف موحد بين الدول الأربع.
وعقب ذلك مباشرة جدّدت مصر دعمها لسيادة السودان خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع وزير الدولة بالخارجية السودانية عمر صديق، في خطوة تعكس استمرار القاهرة في رفض أي تحركات تهدد وحدة السودان أو مؤسساته الوطنية.
وشدد عبد العاطي على أن دعم مصر لسيادة السودان ووحدة أراضيه موقف ثابت ، مستعرضًا في الاتصال الجهود التي تبذلها القاهرة ضمن الرباعية الدولية المعنية بالسودان ، والتي تضم إلى جانب مصر كلًا من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات.
وأكد الوزير المصري على أهمية الحفاظ على السودان كدولة موحدة ذات سيادة كاملة ، وعلى ضرورة دعم مؤسساته الشرعية ، بما فيها مجلس السيادة الانتقالي والحكومة المدنية بقيادة الدكتور كامل إدريس.
من جهته ، ثمّن عمر صديق هذا الموقف، مشيرًا إلى أن دعم مصر لسيادة السودان لا ينفصل عن الروابط التاريخية بين الشعبين ، وهو ما يُسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي في ظل المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها البلاد.
ويُعد هذا الاتصال استمرارًا لسلسلة من المواقف المصرية الواضحة التي تؤكد الانحياز الكامل لوحدة السودان ورفض مشاريع التمرد والانقسام، لا سيما بعد التطورات الأخيرة المتعلقة بمحاولات إعلان ما يسمى بـ”حكومة موازية” في البلاد ، كما إلتقى وزير الدولة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي السفير عمر صديق ، اليوم بالسفير هاني صلاح ، سفير جمهوية مصر العربية لدى السودان، واستعرض اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين .
حيث عبّر وزير الدولة عن شكر القيادة السياسية السودانية لجمهورية مصر العربية على تنسيقها مع السودان ، وعلى دورها المتعاظم في دعمه والمحافظة على استقلاله وسلامة أراضيه، ولدورها الكبير في مساندة الحكومة السودانية في المنابر الدولية من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار ، والحفاظ على سيادة السودان ووحدة أراضيه.
و ناقش الإجتماع كذلك سبل تعزيز العلاقات الثنائية بما يخدم مصالح البلدين الشقيقين
وتأريخيا ظلت مصر تعد الداعم الأكبر للسودان عمت مصر السودان ودائماً ما كانت القاهرة سنداً قوياً للخرطوم، ليس فقط خلال الحرب الجارية ، فهناك تاريخ واحد بين البلدين منذ أقدم الأزمنة إلى الدرجة التى يتعذر معها الحديث عن تاريخ مستقل بمصر أو تاريخ مستقل بالسودان.
لم يتوقف الدعم المصرى للسودان ، على الشقين السياسى والإنسانى وإنما طال جميع المناحى ، وسط محاولات مضنية للحفاظ على وحدة الشعب السودانى وسلامة أراضيه، وخلال الحروب والنزاعات السابقة، حافظت مصر على موقفها ، إذ أكدت مراراً حرصها على وحدة وسلامة الأراضى السودانية، معتبرة الجيش السودانى مؤسسة وطنية شرعية، وتبنت القاهرة موقفاً داعماً لوحدة البلاد فى الحرب الأهلية الأولى «1955 – 1972» ، ودعت لوقف الحرب عن طريق المفاوضات السياسية ومحاولة تقريب وجهات النظر ، كما كانت مصر من أبرز الدول الداعمة لاتفاق أديس أبابا الذى أنهى الحرب الأهلية ، بحسب مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
وأثناء الحرب الأهلية الثانية «1983-2005»، رفضت مصر انفصال الجنوب ، وأكدت دائماً دعمها لوحدة السودان وسلامة أراضيه، وفى أزمة دارفور «2003-2010»، لعبت مصر دوراً دبلوماسياً مهماً بإرسال قوات ضمن بعثة الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة «يوناميد» لدعم السلام، وخلال الحرب الجارية ، لم يتغير الموقف المصرى، إذ حاولت -ولا تزال- إيقاف الصراع وتقريب وجهات النظر والسعى للحل السياسى بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع.
دعم مصر للسودان يأتي في سياق استراتيجي طويل الأمد يهدف إلى ضمان استقرار السودان كحليف عسكري وشريك في تأمين المنطقة الحدودية بين البلدين ، فالسودان يمثل خط الدفاع الجنوبي لمصر ، حيث تمتد الحدود المشتركة بينهما لمسافة 1,276 كيلومترًا ، وهي حدود لطالما شكلت مصدر قلقا أمنيا للقاهرة، خاصة في ظل تصاعد تهديدات الجماعات المسلحة ، وتزايد النفوذ الإقليمي للقوى الخارجية مثل تركيا والإمارات في البحر الأحمر ، ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023 م ، وجدت مصر نفسها في موقف لا يسمح لها الحياد ، خاصة بعد حادثة احتجاز الجنود المصريين في قاعدة مروي.