مقالات

لله درك يااسماعيل هنية

بقم : عادل عسوم

لله درك يااسماعيل هنية



انها خواطر كتبتها وأنا استمع إلى أسماعيل هنية -رحمه الله وتقبل الله شهادته- وهو يتحدث خلال الحرب على غزة:

تحدث ووابل القنابل المحرمة دوليا لا تنقطع على (شريط العزة) المحاصر برا وبحرا وجوا…

الرجل كالعهد به أستلهم سيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في كل ماقال…

شرع هنية يتحدث بملء الوضاءة والطهر…

لكأني بموكب التأريخ يقف يستمع والريح والطير ونملة سليمان…

لعمري ماكان حديثه كحديثنا،

لقد أطلاقا لمعاني سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأضابير…

انه ديباجة للعز والفخار لأمة نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا…

تلك السيوف الأربعين ودونها سواعد وعقول وعنفوان؛ ما كان لنا أن نقرأها كسواها من القصص والحكايات فنمر عليها مرور الكرام…

فالخارج من بين السيوف -من قبل أن يكون المعصوم -فهو القدوة والمتبوع صلى الله عليه وسلم…

وستظل (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لايبصرون) الى أن يرث الله الأرض ومن عليها (عاصمة) و (قاصمة) و (منجية) لكل السالكين لذات الطريق…

وأيُّ طريق؟!

أنه طريق الأخبات لله الواحد الأحد…

إنه طريق العزة والمجد والسؤدد

لا طريق المهانة والذلة والصغار…

ويخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين السيوف الأربعين ليواصل الصدع بمنهج الله …

وإذا بسراقة بن مالك يسعى للحاق به…

ويوشك فرس سراقة الوصول إلى جناب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وصاحبه النبيل…

فإذا برسول الله يبقى ثابتا وراسخا كالطود لا يهتز …

لِمَ كل ذلك ياترى؟

أنه الأخبات ياأحباب!

الأخبات إلى خالق السموات والارض، ومجري السحاب، وواهب ثم قابض الأرواح…

إنها القناعة بمعية الرحمن…

معية هي دوما أقرب من حبل الوريد…

ودون هذه المعية يولد المخبتون…

ويقترب سراقة بفرسه …

كان يمنّى النفس بحُمُرِ النعم التي وعده أياها زعماء قريش…

واستبد به سُكر الفرح وهو يوشك على نيل مبتغاه …

ولايبقى بينه وبين مبتغاه سوى صخرة قوامها خطوات قليلة يتخطاها حصانه…

فيتهيأ ليغنم مخرجا سيفه من غمده …

وتفترُّ شفتاه ببسمة الأنتصار …

وشرع في استعراض صفوف النوق وأنخاب الخمر ورقص القيان فرحا بالأنجاز الكبير…

إذ كل حسابات الدنيا تقول بأنه قاب قوسين أو أدنى لأدراك مبتغاه وأتمام مراده…

لكن…

فات عليه -وهو المشرك – أن المشيئة لله الواحد الأحد…

فات عليه -وهو الغافل- أن الله أبطل مفعول الإحراق عن النار على نبيه إبراهيم عليه السلام…

فات عليه -وهو المنكر للغيب- أن الله أنجى موسى عليه السلام عندما طمأن قومه قائلا (كلاّ إن ربي سيهدين)، فضرب البحر بعصاه فانفلق وانكشف لهم طريقا يبسا فنجى وقومه من فرعون وجيشه…

تتدخل مشيئة الله لتحفظ نبينا صلى الله عليه وسلم وصاحبه الأمين، فتستحيل قساوة الصخر الى طين لازب، فتصيخ قوائم حصان سراقة فلا يستطيع حراكا!!

علم سراقة بأن هناك قوة فوق قوته…

وأرادة فوق ارادته…

ومشيئة فوق مشيئته…

وإذا بالحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه يبتسم ويقول:

ياسراقة لا تبتئس …

ثم يضيف صلوات الله وسلامه عليه قائلا لسراقة:

ياسراقة ماذا إذا لبست سواري كسرى؟!!

فيشهد سراقة بأن لا أله الاّ الله وأن محمدا رسول الله…

وينطلق الحبيب المصطفى صلى الله وعليه وسلم ورفيقه أبو بكر رضي الله عنه الى مدينة الخير ليغرس بذرة الدولة الوليدة مع انشائه لمسجد قباء أول مسجد أسس في الاسلام…

ويتنزل قول الله العليم الحكيم في سورة البقرة:

(قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنـَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)…

فتوغر صدور اليهود والمنافقين والمشركين ب(سمت) التغيير والتميز للدين والدولة الوليدة…

ويتكالب (الأحزاب) ليئدوها في مهدها قبل أن يُكتب لها الثبات والتمدد إلى السوح والفضاءات…

فكلهم تيقنوا بالنصر والفوت الذي سيكتنف حراك هذه الدولة منذ نشأتها!

بوضاءة الفكر المنداح في وجدان أهلها، ومصداقية القيم التي يؤمنون، وحجم التمترس دون القضية التي يوقنون!…

ويتجمع الأحزاب حول المدينة محاصرين، ويبقى المنافقون واليهود بين الناس في الداخل مخذلين ومتآمرين، ويشتد الحصار على المؤمنين، وتمر الأشهر وقد نفد الغذاء…

ولكن…

هناك رب قال عن نفسه جل في علاه بأنه أقرب من حبل الوريد…

ذاك كان يقين نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم اجمعين…

ولعمري ذاك -ايضا- ذات يقين وايمان هنية وجنده الميامين.

اللهم نصرك العاجل لأهل غزة وفلسطين، اللهم أكتب الهزيمة والذل والعار على الصهاينة الغاصبين ومن عاونهم وساندهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم، اللهم اجعل جندا من عندك يحاربون مع أهل فلسطين، انك ياربنا ولي ذلك والقادر عليه.

adilassoom@gmail.com

يقين برس

صحيفة اللكترونية تهتم بالشأن السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى